هيفاء المنصور.. تطبيع نسوي

21 ديسمبر 2019
(هيفاء المنصور في البندقية 2019، تصوير: مارييلا سيسيليا)
+ الخط -

حين نقلت وسائل إعلام، العام الماضي، عن المخرجة السعودية هيفاء المنصور استعدادها التعاون مع منتجين إسرائيليين إن لاحت فرصة لذلك، نفت وتذمرت وقالت إن الصحافة "تبهّر" كلامها، وأن كل ما قالته هو أنها تعمل مع "الدول المسموح بها بشكل رسمي فقط".

عبارة باهتة تصدر من مخرجة تُعتبر اسماً سينمائياً بارزاً في بلادها، وتقدم مواضيع اجتماعية إشكالية لفتت الأنظار إليها، لكنها ربما لم تسمع بالقضية الفلسطينية ولا مقاومة التطبيع، أو أن الأمر ليس من ضمن اهتماماتها.

أغلب الظن أن المنصور لم تسمع أيضاً عن حملة المقاطعة الثقافية لإسرائيل التي يتنباها مبدعون وكتّاب من كل أنحاء العالم، ومخرجون كبار وصناع سينما من الطراز الرفيع، وربما تكون سمعت بها وعرفت أن من يكون من ضمنها قد يخسر الفرص والجوائز، وهي في غنى عن ذلك. 

فيلم المنصور "المرشحة المثالية" افتتح "مهرجان سينما المرأة" في "إسرائيل" الذي انطلق قبل أيام، وأغلب الظن أن هذا لم يحصل دون علمها أو من وراء ظهرها، حتى وإن كان ذلك ما حدث، فهي لم تعلق ولم تحتج خلال اليومين الماضيين على ذلك، وكتبت الصحف الإسرائيلية عناوين مبتهجة من قبيل: "من الرياض إلى تل أبيب: أخوية المخرجات".

هيفاء المنصور لم تكذب، قالت إنها تتعامل مع الدول المسموح بها رسمياً فقط، وقالت إن "ولي العهد رائع"، ومن شابه "وليه" ما ظلم! كما أن المنصور قضت عام 2018 في جولات ترويجية لفيلمها، وتقول إن الصحافيين يسألونها خلال تلك الجولات عن التعاون مع "إسرائيل" وأنها تجاوب بهذه العبارة البريئة التي بهرتها الصحافة الخبيثة.

ألم يخطر للمنصور أن تسأل نفسها لماذا يطرح الصحافيون هذا السؤال بالذات؟ أم أن جزءاً من الترويج لنفسها أن تبدي هذا الاستعداد وتتحلى بروح المبادرة تجاه "المنتج الإسرائيلي"، ألا يكفيها ترويجاً أنها أول مخرجة سعودية تبهر الغرب وتتحدث بلغته وترفع له الستارة قليلاً ليرى قطعة من المجتمع السعودي الشرقي الغامض وغير المكتشَف؟

ليس مستغرباً أن تتهافت المنصور على المشاركة في إسرائيل أو حتى أن تتغاضى عنها، فلا يوجد أي رد فعل منها في الصحف أو على حسابها في "تويتر"، وليس مستغرباً أن لا يكون لها موقف لا من الاحتلال ولا من الفصل العنصري ولا من العنف اليومي للاحتلال الإسرائيلي.

وليس عجيباً أن تنتظر السينمائية السعودية من ولي الأمر أن يعطيها الإذن فقط في أن تكون "إسرائيل" دولة مسموحاً بها رسمياً، الحقيقة أن هذا هو العائق الوحيد أمامها، فالمخرجة ليس لديها أي موقف على ما يبدو، والمسألة بالنسبة إليها مسألة ترخيص، كما أن طاعة الولي والسلطة راسخة في ذهنها وتحتاج إلى الكثير من الشجاعة قبل أن تزول من العقول مثلما زالت من الورق.

المساهمون