"كلام الليل": نسخة مغربية من "المهاجران"

23 سبتمبر 2018
(من المسرحية)
+ الخط -

تحتشد نصوص الكاتب المسرحي البولندي سلافومیر مروجيك (1930-2013)، بمضامين اجتماعية ونفسية وسياسية وظّف خلالها معارفه كمعماري وباحث في تاريخ الفن والفلسفة، ومنها مسرحيته "المهاجران" (1974) التي عُرضت وفق معالجات مختلفة في معظم مسارح العالم.

تقدّم "فرقة أمزيان" المغربية المسرحية وفق رؤية مخرجها حفيظ البدري تحت عنوان "أوال نتجيرت"، وتعني كلام الليل باللغة الأمازيغية، والتي سبق عرضها في مهرجانات عدّة أقيمت هذا العام في مدن وجدة والناظور والدار البيضاء، وسيعاد تقديمها خلال الشهر المقبل.

تتناول المسرحية شخصيتين تشبهان في الظاهر بطلي "في انتظار غودو"، لكنهما في الجوهر أكثر واقعية وقسوة، ولقد جاءا من بلد واحد، ويحمل كل منهما جنسية وجواز سفر والكثير من الذكريات، ورغم ذلك ينتميان إلى عالمين مختلفين أحدهما نقيض الآخر.

الشخصية الأولى مثقف سياسي يائس، والثانية عامل بسيط له مهنة شاقة يحاول جمع قدر من المال ليعود إلى بلده، وحلمه المتواضع هو بناء بيت لأسرته. يقيم المهاجران سوية في غرفة واحدة وینامان على سریرین متقابلین في قبو بناية مأهولة بالسكان في مدينة في غرب أوروبا لا على وجه التحديد، وكلّ منھما یشعر بثقل صاحبه لكنھما لا یفترقان، وكأن حبلاً سرياً يربط بينهما.

تدور أحداث العمل في ليلة رأس السنة؛ الليلة التي تظهر الفجوة الكبيرة بين طبقة تحتفل بالمناسبة في ابتهاج حيث ترتفع أصوات الغناء والموسيقى، وطبقة تعيش في عالم المدينة السفلي تجترّ معاناتها وبؤسها وتتخبط بين أوهامها وبين واقعها، في مناخات من السخرية السوداء.

يحتفل المهاجران على طريقتهما، حيث يجمعها شجار غير منقطع ولساعات طويلة دون أن یدركا مضامين حوارھما الذي يدلّ على انعدام الثقة بینھما والشك الذي یھمين على علاقاتھما، فكل منھما یضع حاجاته في حقیبة تحت سریره ویقفلھا خشیة سطو الآخر على ما فیھا.

الأحادیث التي تدور بینھما لا معنى لھا، إنھا مجرد ثرثرة واتھامات متبادلة وسوء فھم متبادل بین مثقف غادر الوطن خشیة القمع والاعتقال والموت فيغرق في كسله وكآبته وتنظيراته التي لا تنتهي حول التغيرات التي تحدث في وطنه وفي المنف، وعامل كادح وغير متعلّم جاء إلى المھجر لعلّه يحقّق حلمه البسيط بامتلاك بيت صغير في بلده.

يركّز الحوار على رغباتهما المكبوتة، ومراقبتهما لسلوك الناس أو العابرين في الشارع القريب من غرفتهما، وإخفاقاتهما المتتالية في العمل والطريقة التي يجري من خلال التعامل معهما في أحاديث طويلة ومتشعبة تشير إلى تفاصيل مشتركة كثيرة من دون أن تخلق بينهما علاقة حقيقية.

المساهمون