"حماية التراث الثقافي": مشروع قانون جديد

20 مارس 2018
(قصر البديع في مدينة مراكش المغربية)
+ الخط -
قد يبدو مستغرباً أن القانونين الأساسيْن المتعلّقين بالحفاظ على المباني التاريخية والتحف الفنية والعاديات وحماية المدن القديمة والمعمار الجهوي في المغرب قد تمّ إقرارهما أيام الاستعمار الفرنسي في عامي 1914 و1945، ولم يصدر منذ ذلك التاريخ سوى قانون واحد عام 1980 في محاولة لملاءمة مواده مع الاتفاقيات الدولية.

في تقرير رسمي صدر العام الماضي عن "المجلس الأعلى للحسابات"، أشار إلى "عدم العناية بالوثائق القانونية المتعلّقة بالتراث الثقافي، وتوقّف مشاريع ترميم عديدة بدأت عام 2006، وعن غياب معلومات بشأن مشاريع أخرى ووجود مخالفات تتعلّق بترميمها، علاوة على تعرّض بعضها لعمليات السرقة أو محاولات التخريب أو الهدم بسبب عوامل طبيعية، نظراً لعدم توفّر آليات لحماية العديد من المواقع الأثرية".

كما ذكر التقرير بأن عمليات إحصاء الآثار وتسجيلها لا "تُرفق بالعناصر التي توضّح الطرق المستعملة لإنجاز هذا الإحصاء كالخرائط الأركيولوجية وخرائط التموقع الجغرافي بالأقمار الصناعية والأبحاث التاريخية، رغم أن عدد المعالم التاريخية التي تمّ تسجيلها بلغ 3078 موقعاً بحسب إحصائيات وزارة الثقافة".

تحضر هذه الخلفية مع إعداد الوزارة مؤخراً لمشروع جديد يتعلّق بحماية التراث والمحافظة عليه وتثمينه، والذي بمقتضاه سيتم الأخذ بعين الاعتبار أصنافاً جديدة من الموروث الثقافي، حيث جرى تصنيفه كتراث ثقافي غير منقول يشمل المواقع والمعالم والمنشآت المعمارية والمدن المندثرة والتاريخية والحديثة، وتراث منقول يضم اللقى والحفريات والآثار المغمورة تحت الماء، إلى جانب التراث غير المادي من ممارسات وتعبيرات وتمثّلات في اللغة والموسيقى والفنون والحرف وغيرها، وتراث مزدوج من إبداع الطبيعة والإنسان معاً.

ويجري وفق المشروع إحداث سجلّ وطني للجرد يُلزم القيمين على التراث بإغنائه واثرائه وفق آجال قانونية محددة، وإنشاء لجنة وطنية للتراث الثقافي ذات طابع استشاري مهمتها الأساسية الإدلاء برأيها حول البرامج والمشاريع المتعلقة بحماية التراث والمحافظة عليه وترميمه وتأهيله، وكذلك حول طلبات الترخيص لأبحاث الحفريات الأركيولوجية.

كما يشمل المشروع التأكيد على خلق شرطة لحماية التراث الثقافي بكل أصنافه، وتشديد العقوبات على المخالفين للقانون خاصة ما اتصل بالتنقيب الأركيولوجي غير الرخص وسرقة التحف وتخريب وإتلاف المعالم التاريخية والأثرية، ويحدّد أيضاً الإجراءات الضريبية التي ستطبق على كل من يحوز ممتلكات ثقافية.

خطوة قد تكون متأخرة بحسب تصريحات لوزير الثقافة المغربي محمد الأعرج الشهر الماضي، خاصة في بلد كالمغرب يضمّ إرثاً غنياً ومتنوّعاً يمتد لآلاف السنين، حيث لم يكن هناك قانون شامل لحمايته وتنظيم شؤونه، مع الأخذ بالاعتبار أن عوائق عديدة ستواجه تنفيذ بنوده من جهة والقدرة على توفير دعم مالي كافٍ للحفاظ على التراث وإعادة تأهليه من جهة أخرى.

المساهمون