محمد القاسمي: عودة إلى المرحلة الأفريقية

23 نوفمبر 2018
(من أعمال القاسمي)
+ الخط -

ابتداءً من يوم غدٍ السبت وحتى الثالث من آذار/ مارس المقبل، يحتضن متحف "حضارات أوروبا والبحر المتوسط" في مدينة مارسيليا جنوب فرنسا، معرضاً استعادياً لأعمال التشكيلي المغربي محمد القاسمي (1942 - 2003)، يُخصَّص للمرحلة الأفريقية من مساره، والتي امتدّت طيلة عقد كامل.

ويُقصدَ بـ المرحلة الأفريقية تلك التي توجّه فيها القاسمي، منذ 1993 وحتى رحيله، إلى القارّة الأفريقية وبيئتها وثقافتها، مستلهماً منها مادّته الفنيّة.

تُقام في يوم الافتتاح ندوةٌ يتحدّث فيها الشاعر والكاتب المغربي محمد بنيس عن تجربة القاسمي وحضوره في الحياة الثقافية المغربية، وعلاقة الصداقة التي جمعت بينهما منذ التقيا أوّل مرّة نهاية الستّينيات.

كما تتحدّث في الندوة الصحافية ومؤرّخة الفن الفرنسية، نادين ديسندر، المشرفة على المعرض، والتي سبق أن وثّقت وقدّمت لأعمال التشكيلي المغربي في كتابٍ/ كتالوغ من جزأين صدر عن "دار آرديف" العام الماضي.

وتطلقُ ديسندر، مع بداية المعرض، تتمّةً للكتاب بعنوان "مونوغرافيا محمد القاسمي"، صدر مؤخّراً عن "دار ألبير سكيرا"، وفيه يتحدّث التشكيلي المغربي عن طفولته وأبرز محطّات وتحوّلات تجربته الفنّية.

أقام القاسمي، الذي سيصبح لاحقاً اسماً بارزاً في التجربة التشكيلية المغربية، أوّل معارضه في مدينة مكناس عام 1965. لكن معرضه الثاني الذي أُقيم عام 1969 اعتُبر نقطة انطلاقه؛ إذ لفت التشكيلي المغربي النظر بفرادة تجربته الجمالية ومغامرته البصرية الغنية منذ بداياتها، رغم أنه لم يدرس الرسم.

كان القاسمي عصامياً، لكنه كان يتردّد على ورشةٍ فنيّة في مكناس مسقطِ رأسه، كما شارك في دورات تدريبية في الفن التشكيلي، قبل أن يستفيد من دورات خارج المغرب، ومنها مدريد التي زارها وهو في التاسعة عشر من عمره، حيث اطّلع في متاحفها وصالات عرضها على الأعمال الأصلية لأبرز الفنّانين العالميّين.

لا تخلو أعماله من الطقوس العيساوية التي عرفها طفلاً ويافعاً؛ إذ تظهر الأجساد بخطوط تجريدية في حالة من الذوبان اللوني والحركي في محيط لوحته، وكأننا أمام رقصة صوفية ابتكرها الفنّان بنفسه.

إلى جانب الطقوسية، تحضر في أعماله إشارات مباشرة إلى الطبيعة والجسد الإنساني، مع حضورٍ طاغٍ للون الأزرق والأبيض والبنّي.

ورغم أن لوحاته تترك انطباعاً أوّل بأن مفرداتها عشوائية التوزيع، إلّا أنها، في الواقع، متناسقة للغاية، بلا زوايا حادّة ولا تصادم بينها، مع تدفّقات رقيقة من اللّون حول الشخصيات في مساحتها.

لم يكُن الرسمُ المجال الوحيد في تجربة القاسمي؛ إذ مارَس، أيضاً، النحت والتصوير الفوتوغرافي وكتب الشعر. هذا التعدُّد جسّده في تجربة حوارية بين الشعر والتشكيل تمثّلت في كتابٍ مشترك مع الشاعر المغربي حسن نجمي بعنوان "الرياح البنّية"، قبل أن يبدأ تجربةً مماثلة مع الشاعر عبد اللطيف اللعبي.

ارتبط الفن عند القاسمي بالالتزام، وهو الذي انخرط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في بلاده باكراً، التزامٌ سيترجمه قبل فترةٍ وجيزة من رحيله عام 2003؛ حين نظّمَ معرضاً مناهضاً للغزو الأميركي للعراق بعنوان "الإبداع في مواجهة التخريب".

دلالات
المساهمون