"مسيحيو الشرق": جذرونا في التاريخ

21 سبتمبر 2017
(من الأيقونات المعروضة)
+ الخط -
بات مألوفاً التركيز الإعلامي على المسيحيين في المشرق في ظلّ هجرة الآلاف منهم في فلسطين ولبنان وسورية والعراق خلال العقود الماضية إلى الغرب، حيث انتهج الاحتلال الصهيوني سياسة متعمدة في جعل صراعه يبدو على أساس ديني بين الإسلام واليهودية ما يعني التشجيع على إبعاد المسيحية وتهجير أتباعها، ولم يختلف الأمر حين دخلت بلدان عربية في حروب داخلية أدّت إلى نزوح أعداد أكبر من منهم.

في هذا السياق، يكتسب معرض "مسيحيو الشرق: ألفا عام من التاريخ" الذي ينطلق عند العاشرة من صباح الثلاثاء المقبل في "معهد العالم العربي" في باريس، أهمية سياسية تتجلّى بمشاركة الرئيس الفرنسي في حفل الافتتاح وحضور شخصيات سياسية عديدة ورجال دين من العالم العربي.

يرافق التظاهرة التي تتواصل حتى 14 كانون الثاني/ ديسمبر المقبل، استنكار بالضرورة للتطرّف الذي يسعى إلى تفريغ المسيحيين من أرضهم، مثل التصريحات المتكرّرة والمؤتمرات والندوات التي عقدت حول هذه القضية في السنين الماضية لكنها لم تغيّر في الواقع شيئاً، بل يمكن تقييم هذا المعرض باعتباره يقدّم المسيحية في الشرق كما لو كانت جزءاً من تراث وماضٍ لن يعودا.

يأتي المعرض ضمن احتفالات المعهد بمرور ثلاثين عاماً على تأسيسه، ويتتبّع تاريخ المسيحيين في الشرق في كنائسهم الأساسية: القبطية الأرثوذكسية، والآشورية الكلدانية، والمارونية، واليونانية الأرثوذوكسية، والروم الملكيين الكاثوليك.

كما أنه يُسلّط الضوء على المحطات التاريخية البارزة وفق تسلسها الزمني منذ اعتبار المسيحية دين الدولة الرومانية في القرن الرابع، وتشكيل مختلف الكنائس، وانتشار الإسلام في القرن السابع، وانشقاق الكنائس الشرقية، ووصول المبشرين الكاثوليك والبروتستانت في القرن السادس عشر، والنهضة العربية في القرن التاسع عشر والمشاركة البارزة للمسيحيين فيها، والتجديد الثقافي والديني في ضوء الأوضاع السياسية في القرنين العشرين والحادي والعشرين.

من بين المعروضات قطع فسيفساء جرى استعارتها من الكنائس الأولى في المنطقة في فلسطين والأردن وسورية تحديداً، ورسوم وجوه الرهبان الأقباط من دير مصري، وتذكارات من الحج مع صور القديسين مينا وسمعان وتقلا، وكؤوس وأطباق فضية من كنائس سورية، إضافة إلى مخطوطات باللغات اليونانية والسريانية والقبطية والعربية، أو ثنائية اللغة أحياناً، تعود إلى فترة تمتد ما بين القرن الخامس إلى الرابع عشر.

وتوجد الأناجيل الأولى المطبوعة في قزحيا وروما وباريس والأردية المصنوعة في ورشات نسيج حلب وأيقونات من مدرسة القدس، كما يوثّق المعرض لتوجّه المسيحيين العرب إلى أوروبا لتعليم العربية في القرن الخامش عشر، ودورهم في التدريس والترجمة وفي التجارة بين بلاد الشام وأوروبا، وتأسيس صحف تعود إلى عصر النهضة مطبوعة في مصر أو لبنان.

يُختتم المعرض بالتعرّف على حيوية الكنائس اليوم برغم التغيرات السياسية التي عاشها العالم العربي في القرن العشرين والحادي والعشرين؛ من خلال التعريف بالموشّحات الدينية، وحياة الرهبنة المصرية وتقاسم الأماكن المقدسة بين المسيحيين والمسلمين، وحماية التراث المسيحي.

المساهمون