مسرحية "تونس": قصة هجرة بالمقلوب

24 يونيو 2017
(كلايد شابو في عرض "تونس")
+ الخط -

تقدّم "فرقة غير معترف بها" الفرنسية للمسرح عرضاً بعنوان "تونس" الليلة وغداً بعد أن كانت انطلاقته أمس في "المتحف الوطني لتاريخ الهجرة" في باريس.

العمل من تأليف الممثلة والكاتبة المسرحية كلايد شابو (1966)، وقد بدأ عرضه منذ 2015، حيث قُدّم على مسارح تونس وفرنسا والسويد.

قوام الحكاية يستند إلى سيرة عائلة شابو التي تركت صقلية لتستقر في تونس (لها مسرحية أخرى بعنوان "صقلية"). وفيها تحاول الكاتبة أن تقتفي أثر أجدادها مستكشفة التعدد الهوياتي داخلها من خلال الترحال.

الأسئلة التي تطرحها شابو وهي جالسة على الخشبة ترتدي الأسود تنطلق من معنى "الغريب" و"الأجنبي"، متنقلة بين الذكريات وبين الواقع، وتعود مراراً وتكراراً التي زارتها كثيراً فلها فيها أقارب، ولا تنسى أن تشير إلى أنها تصحب ابنتها في هذه الزيارات، أي أن عملية الذهاب والإياب متواصلة ينقلها جيل إلى الجيل الذي يليه.

ولكي تستحضر أفراداً من عائلتها على المسرح، من حيث علاقتهم بتونس، تعرض أغراضاً تخصّ العائلة حين كانت هناك، من بينها مقعد صنعه جدّها، أو غطاء للسرير صنعته جدّتها من صوف الأغنام في المزرعة التي عاشت فيها العائلة خلال الحرب العالمية الثانية في مدينة طُبربة شمال تونس. تعرض أيضاً صوراً من ألبوم العائلة جرى التقاطها في بنزرت وتونس العاصمة وطبربة. ليس هذا فقط، بل تشارك شابو الجمهور الحالة التونسية فتوزّع عليهم الشاي بالنعنع والتمر المحشو.

ورغم السعادة التي تتضح في الصور وفي حكايات العائلة في فترة حياتهم في تونس، إلا أنها تركت تونس بعد استقلالها، وبدا الأمر كما لو أنها أغلقت باباً صار من الممنوع أن يفتحه أحد وأن يرى الذكريات التي تقبع خلفه.

القصة التي تطرحها شابو هي نفس القصة التي نراها اليوم مكررة في حكايات المهاجرين الهاربين من الحرب والخوف، وإن كانت بالمقلوب، فعائلة الكاتبة والممثلة هربت خوفاً من وصول الحرب إلى دارها، وعاشت في تونس، ثم اضطرّت للهجرة من جديد، وهي قصة عاشتها عائلات إيطالية ويونانية وفرنسية كانت مستقرة في مصر ثم اضطرت لترك البلاد بعد العدوان الثلاثي لأسباب تاريخية معروفة.

المفارقة أن تلك العائلات الإيطالية حين عادت إلى بلادها الأم، عوملت كعائلات مهاجرة ووضعت في مخيّمات وغيتوهات.

قصة أجداد شابو التي أصبحت مسرحية اسمها "تونس"، تكاد تكون تفصيلاً صغيراً في تاريخ الهجرات على ضفتي المتوسط، لكنه تفصيل يقول الكثير.

المساهمون