"المسرح العربي": أخطاء المهرجانات الرسمية نفسها

29 ديسمبر 2017
(من الدورة السابقة)
+ الخط -
منذ تأسيسه عام 2009، تضمّنت رؤية "مهرجان المسرح العربي" الذي تفتتح دورته المقبلة في العاشر من كانون الثاني/ يناير في تونس، دعم الفرق والمهرجانات العربية وإقامة الورش والملتقيات الفكرية والندوات والمعارض والإصدارات المسرحية، لكن تنفيذها أثار العديد من النحفظّات والاعتراضات حول المخرجات على أرض الواقع.

تركزّت الانتقادات على آليات اختيار الجهة المنظمة ممثلّة بـ"الهيئة العربية للمسرح" في الشارقة للعروض وبرمجة الفعاليات والمشاركين وتوزيع الجوائز طوال الدورات الماضية، بينما تأتي الدورة الحالية في ظلّ توتر العلاقات بين الإمارات والبلد المستضيف للتظاهرة مؤخراً، مما جعل البعض يتوقّع تأجيلها وربما إلغاءها.

في حديثه لـ"العربي الجديد"، يقول أستاذ الفنون الدرامية والمخرج الجزائري حبيب بوخليفة إن "المهرجانات في المجتمعات العربية شكلية لا تسمن ولا تغني من جوع الفعل المسرحي، لأنها تفتقد الشروط اللازمة حتى تصبح معياراً حقيقياً لقياس الإبداع الفني، ما أنتج شبه أحداث ثقافية خالية من التأثير في تطوّر الفن المسرحي".

ويضيف "بالنسبة إلى المهرجان العربي للمسرح قد يختلف الأمر لأن هناك أسماء مسرحية معروفة، لكن في المقابل كانت هناك أخطاء جسيمة حين جرى تنظيمه في وهران السنة الماضية، إذ تمّ استدعاء شبه مسرحيين إلى الخشبة، لأن الهيئة العربية لم تدق الأبواب المناسبة وتتعاون مع الكفاءات الفنية الفكرية".

يشير بوخليفة إلى أن إصرار الهيئة على العمل فقط مع المؤسسة الرسمية يعني في المحصلة مراكمة أخطاء جديدة على الأخطاء الموجود أساساً، منوّهاً إلى أنه "ترتب على ذلك الكثير من الأخطاء مثل عدم حضور الأسماء الفاعلة في النشاط المسرحي، وكانت لجنة التحكيم ضعيفة، أما الورشات فبدت كارثية وشكلية، وربما يكون المنظمين قد استدرجوا إلى ذلك من دون علمهم المسبق".

وختم بالتأكيد على أن "إذا كانت الهيئة تريد خيراً لتطور الفن المسرحي العربي يجب عليها أن تكون أكثر التزاماً بالعناصر المبدعة حقاً والفاعلة في مجال التنظير".

من جهته، يلفت الناقد المسرحي والأكاديمي الأردني مؤيد حمزة إلى أن "آلية اختيار العروض المشاركة في المهرجان طاولتها انتقادات من قبل المسرحيين العرب، ففي المرحلة الأولى كانت الهيئة تستقبل ترشيحات من الأصدقاء المقربين الذين يسمون أنفسهم "محسوبين على الهيئة" لتمثيل بلد معين، وبالتالي لم تكن تعلن أسماء أية لجان للاختيار لأنها لم تكن موجودة أساساً".

ويضيف "في مرحلة ثانية قام أمين عام الهيئة بالتعاون مع مسؤول الإعلام والنشر باختيار العروض بأنفسهم، ثم قرّرت الهيئة نتيجة للاتهامات المتكرّرة تشكيل لجان محلية في كل بلد لترشح العروض، وأبقت باب الترشيح الفردي مفتوحاً، إلا أنه لم يكن يُعتد بترشيح اللجان وبقيت الهيئة التي تحوّل إليها ما تراه مناسباً، لكن بالنسبة إلى الدورة الحالية ليس هناك لجان محلية للمشاهدة، ولم يعلن عن لجنة مشاهدة نهائية، حيث عادت الهيئة إلى أسلوب الانتقاء حسب علم ومعرفة القائمين عليها".

يوضح حمزة أن لا أحد من المشتغلين في الهيئة متخصّص في الفنون المسرحية، وما يقومون به يعود إلى رغبة في السيطرة على المضامين الفكرية للأعمال المشاركة عبر ممارسة رقابة بشكل مباشر، مؤكداً أن "الأمر ذاته ينسحب على اختيار أعضاء اللجان التحكيمية التي هي مجرد واجهة للإيهام بأن الهيئة تحوي نظاماً مؤسسياً وأن هناك مصداقية لقراراتها، بينما يمكن ملاحظة تبادل المنافع بين أعضاء فيها وبين الفائزين بالجوائز".

يرى حمزة أن "أخطر ما قامت به الهيئة يتمثل في ترسيخ ظاهرة ارتباط المسرح بالمهرجانات حصراً على حساب تهميش المسرح اليومي الذي يؤثر، ويغير، ويحرض بشكل حقيقي، في المقابل قدمت ودعمت وشجعت مهرجانات لا يتجاوز أعداد الحضور بضعة مئات؛ الغالبية العظمى منهم من النخبة الفنية المسرحية، ما أفقد المسرح أية قدرة على التأثير المحتمل".

يذكر أن هذا العام من المقرر أن تحتضن العاصمة التونسية 27 عرضاً من تسعة بلدان عربية، ومشاركة 600 فنان وباحث وناقد. علماً بأن الهيئة تنظّم المهرجان كل عام في بلد عربي مختلف منذ 2009.


دلالات
المساهمون