يحيل الجدل الدائر حول قانون إنشاء "نقابة الأثريين المصريين" إلى ضعف وتخبّط في سنّ التشريعات التي تعنى بالمؤسسات والهيئات الثقافية في أكثر من بلد عربي؛ الملاحظة الأولى تتصل بتأخر إقرار هذه القوانين، ففي مصر أكثر من 70 ألف أكاديمي وباحث وفنّي في حقل الآثار، بحسب إعلان وزارة الآثار المصرية، وهم يعملون في الوزارة والجامعات والبعثات المتواجدة منذ أكثر من خمسة عقود، من دون إطار نقابي ينظّم المهنة ويحمي حقوق العاملين فيها.
الملاحظة الثانية تتعلّق بالخلاف حول تعريف "الآثاري" عند عرض مسودّة القانون أمام "مجلس الشعب" للتصويت عليها منذ يومين، إذ برز انقسام حول شروط العضوية بين "هيئة الآثار المصرية" التي صاغت قانوناً ينصّ على عضوية كاملة للفنّيين العاملين فيها، وعضوية "منقوصة" لأساتذة كليات الآثار في مصر، بحيث لا يحقّ لهم حضور اجتماع الهيئة العامة للنقابة وممارسة حق الترشّح لمجلسها أو التصويت.
وكانت "لجنة الثفافة والإعلام والآثار" في البرلمان المصري قد أقرّت نصّ مواد البند الثاني من القانون، والتي تحرم خريجي علم الآثار من عضوية النقابة ما لم يكونوا ممارسين لها، ما دفع كليات الآثار في أكثر من جامعة مصرية إلى إصدار بيانات تعترض على شروط العضوية التي تمّ إقرارها.
بدورها، رفضت اللجنة التأسيسية للنقابة والتي تضمّ 13 آثارياً تقييد شروط العضوية كما وردت في القانون الجديد، مطالبين بتوسيع قاعدة الانتساب إلى النقابة.
وقد انعقدت الجلسة النيابية وسط اعتراضات عديدة داخل المجلس، حيث قارن عدد من النوّاب بين جميع النقابات المرخّصة في مصر التي تشترط إلزامية العضوية لجميع خريجي الاختصاص الذي تنظّم إطاره النقابي، وبين "نقابة الأثريين" التي خالفت هذا الشرط.
"فوضى تشريعية" وخلاف بين أهل الاختصاص بلا مرجعيات قانونية ومهنية يمكن الاحتكام إليها في بلد شهد تأسيس أول نقابة فيه منذ أكثر من مئة عام، بينما يُخفق اليوم في تعريف المشتغلين في إحدى المهن التي تأخّر الاعتراف بها كل هذا الزمن.