جوائز الجزائر: ليست أكثر من مناسبة للتندّر

05 اغسطس 2016
قادر عطية/ الجزائر
+ الخط -

حين حاز الروائي، واسيني الأعرج، "جائزة كتارا للرواية العربية" في دورتها الأولى، العام الماضي، علّق أحد الكتّاب الجزائريين ساخراً "لو تُوّجتُ بجائزة ما، للزمتُ بيتي حتى أصير روائياً"، في تلميح منه إلى أن صاحب "مملكة الفراشة" لم يكتُب عملاً روائياً هامّاً، وأن قيمة الجائزة المادية من شأنها أن تحفّزه على التفرّغ لكتابة هذا العمل.

وكان واضحاً أن التعليق استفزّ الروائي الذي ردّ، في أحد حواراته الصحافية، بالقول إن ذلك الكلام يعكس نوعاً من "الغيرة" المستشرية في المشهد الثقافي الجزائري. وفي الحوار ذاته، وجد الأعرج نفسه في موضع الدفاع عن نفسه؛ حين ذهب إلى التأكيد على أن الجائزة مُنحت لنصّه، لا لاسمه، ردّاً على نقّاد اعتبروا أن "الجائزة توّجت واسيني الأعرج، وليس نصّه".

تتكرّر هذه القصّة بأشكال مختلفة مع كلّ إعلان عن جائزة ما؛ لدرجة أن الجوائز باتت مرتبطةً، أكثر من أي شيء آخر، بالجدل الذي تُثيره حولها، سواءً بالنظر إلى طبيعة الأسماء والنصوص الفائزة، أو إلى قيمة الجائزة نفسها والجهة التي تمنحها.

ينطبقُ ذلك على جوائز المهرجانات الثقافية على اختلاف مجالاتها؛ كالمسرح والسينما. ففي "المهرجان الوطني للمسرح المحترف"، مثلاً، ظلّت التتويجاتُ تثيرُ لغطاً بين المشاركين، وكثيراً ما كان المسرحيون الذين يخرجون من المسابقة الرسمية بلا تتويج ينتقدون النتائج والمنظّمين ولجان التحكيم، حتى بدا أن الهدف الوحيد من التظاهرة هو الجوائز.

ويبدو أن لجنة تحكيم المهرجان، في دورته العاشرة العام الماضي، انتبهت إلى تلك الجزئية؛ فدعت في توصياتها خلال اختتام التظاهرة إلى إلغاء لجان التحكيم وكلّ الجوائز والبحث عن صيغ بديلة لتتويج الفنان المسرحي في الدورات المقبلة، مبّررةً دعوتها بأن التتويج تحوّل إلى هدف في حدّ ذاته، ما جعل من المهرجان "مسابقة كالمسابقات الرياضية التي يجلب فيها المتنافس مشجّعيه لمناصرته".

من الجوائز المثيرة للجدل أيضاً "جائزة رئيس الجمهورية لإبداعات الشباب"، التي تُمنح، منذ 2007، في حزيران/ يونيو من كلّ عام، إلى مشتغلين في مجالات أدبية وفنية مختلفة؛ كالمسرح والسينما والرقص والرواية والشعر.

تحمل الجائزة اسمين في آن: "جائزة رئيس الجمهورية" و"جائزة علي معاشي" وهو فنّان جزائري (1927 - 1958) التحق بالثورة واستُشهد خلالها. ويُسجّل عليها ضآلة قيمتها المادية، وكثرة الفائزين بها في كلّ دورة، إذ تُمنح إلى ثلاثة أشخاص على الأقل في كلّ مجال، حتّى أنها باتت موضوعاً للتندّر. يقول بعضهم "من الصعب أن تجد كاتباً أو شاعراً جزائرياً لم يحصل على الجائزة".

أما الكاتب والباحث، اسماعيل مهنانة، فعلّق، خلال إعلان نتائج دورتها الأخيرة في يونيو/ حزيران الماضي، عبر صفحته على فيسبوك ساخراً: "تصوّر أن تُصبح كاتباً كبيراً وتفوز بجائزة أدبية مرموقة. وفي معرض حديثهم عن سيرتك الذاتية، يذكرون أنه سبق لك الفوز بجائزة علي معاشي".

وكما كان متوقّعاً، فقد أثار هذا الكلام استياء عدد من الكتّاب الفائزين بالجائزة، والذين رأوا فيه إساءةً لهم، ما دفع مهنانة إلى سحب منشوره في الأخير.

عادةً ما يتحوّل الإعلان عن الجوائز إلى مناسبةٍ لإثارة مسائل لا تُثار في سائر الأيام. في الدورة الأخيرة من "جائزة بوكر للرواية العربية"، ومع الإعلان عن قائمتها الطويلة، التي لم تتضمّن أية رواية من الجزائر، أُثيرت عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أسئلة حول غياب الرواية الجزائرية المستمرّ عن الجائزة، وانقسمت الآراء بين فريقين؛ أحدهما يرى أن الجوائز المشرقية تتعمّد إقصاء الروائيين الجزائريين، بينما يرى الثاني أن الرواية الجزائرية من الضعف، بحيث لا تصمد أمام أيّة منافسة.

لكن اللافت هو غياب المصداقية عن آراء كثير من الكتّاب؛ فالقائلون بالإقصاء غالباً هم من ترشّحوا للجائزة ولم يصلوا إلى أيّة من قوائمها، والقائلون بضعف الرواية الجزائرية هم من لم يترشّحوا لها أصلاً. وليس مستبعداً أن يُغيّر هؤلاء آراءهم إذا ترشّحوا في الدورات المقبلة ولقيت ترشيحاتهم المصير نفسه.

المساهمون