افتتح أوّل أمس في متحف "غران باليه" في باريس معرض "معالم خالدة"، بالتعاون مع "متحف اللوفر". معرض يقدّم صوراً وتجسيمات لأربعة معالم تاريخية من سورية والعراق مصنّفة من بين الآثار المهدّدة بالاندثار ضمن موجة العنف التي تشهدها المنطقة منذ سنوات.
المعالم التي يقدّمها المعرض هي: "قلعة الحصن" بالقرب من حمص، ومدينة تدمر والجامع الأموي في دمشق وموقع خورشباد شمال العراق بأوابده الآشورية.
إضافة إلى الصور الفوتوغرافية والتجسيمات، يقدّم المعرض فيديو عن هذه المعالم جرى تصويرها من خلال طائرات من دون طيار تشرح للزائرين طبيعة التهديد التي تتعرّض له هذه المعالم.
كان الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، حاضراً في افتتاح المعرض، لعلّ في ذلك ما يشير إلى أهمية هذه التظاهرة سياسياً. وفي تصريحاته إلى وسائل إعلام فرنسية اعتبر هولاند بأن هذا المعرض يشكّل "حركة مقاومة" وأن "الدفاع عن الأرواح البشرية والدفاع عن الآثار هما معركة واحدة"، مضيفاً بأن الصور التي يقدّمها المعرض تكشف "عظمة الآثار الشرقية وكذلك هشاشتها أمام من يعملون على اغتيال الذاكرة".
من بين مفارقات المعرض أنه يُفتتح بعد أيام من "استعادة" عصابات "داعش" مواقع في مدينة تدمر ما يعيد معالمها تحت طائلة الهدم مجدّداً، وما يجعل الهشاشة التي تحدّث عنها الرئيس الفرنسي لا تتعلّق فقط بالآثار، إنما بقدرة من يتعهّدون بحمايتها على القيام بذلك فعلياً.
وكان التنظيم سيطر في أيار/ مايو من العام الماضي على المدينة المدرجة على قائمة التراث البشري، وعمد مقاتلوه إلى تدمير عدد من معالمها الأثرية مثل معبدي بل وبعل شمين، وحوّلوا قوس النصر في تدمر إلى ركام. وفي شمال العراق سيطر "داعش" كذلك على موقع خورشباد، ودمّر السنة الفائتة أجزاءً عديدة من المدينة القديمة التي تعود إلى 2700 عام.
عملية الإخراج المُتحفية باتت جزءاً لا يتجزّأ في تمثّل العلاقات بين الغرب والشرق اليوم، لعلها التعويض السيكو - ثقافي المتاح من أجل إخفاء التورّط العسكري الغربي والذي هو جزء لا يتجزّأ من عملية هدم الآثار ونهبها، ولكن لا تظهر في الصورة سوى صور الاحتفاءات بأضوائها وابتساماتها.