لخصوصيات عديدة، جغرافية (ثروات طبيعية) وكذلك سياسية تتمثّل في الأحداث والاحتجاجات التي يعيشها منذ الاستعمار إلى ثورة 2011، تحوّل الغرب التونسي إلى موضوع كثيراً ما تناولته الأعمال الإبداعية، خصوصاً في الرواية والسينما، وكانت الفضاءات المهيمنة على هذه الأعمال غالباً هي المناجم التي تكثر في هذه المنطقة، حيث تناولت الحياة اليومية لعمّالها واصطداماتهم بالسلطة والاستغلال.
هذا التراكم يبدو أنه دعا إلى التفكير في تظاهرة تعنى بـ "سينما المناجم". في مدينة الجريصة، شمال غرب تونس، تنطلق اليوم تظاهرة "مهرجان سينما المناجم" في دورة أولى تأسيسية، تتواصل حتى الجمعة المقبل.
تهيمن الأفلام التونسية على قائمة الأفلام الثلاثين المشاركة، غير أن التظاهرة تسجّل مشاركة بلدان أخرى؛ مثل المغرب ومصر والجزائر والكونغو وفرنسا وألمانيا.
ما يلاحظ في عناوين الأفلام المشاركة هو توزّعها الزمني، فمثلاً جرى إنتاج فيلم "رديف 54" لـ علي العبدي سنة 1999، فيما يُعدّ "يعنبو الفسفاط" لـ سامي التليلي من آخر الأفلام التي تناولت المناجم سينمائياً، وكأن المشرفين على تنظيم التظاهرة اختاروا أن يُعدّوا فيلموغرافيا عن أفلام المناجم.
قد يكون لذلك تبرير في دورة أولى تأسيسية، ولكن ما الذي يمكن تقديمه في دورات ثانية وثالثة ورابعة إذا جرى استهلاك كامل تراث "سينما المناجم" منذ الدورة الأولى؟ ألا يدعو ذلك إلى التفكير في توفير إمكانيات إنتاج هكذا نوع من الأفلام بانتظام؟
من الأعمال الأخرى المشاركة في التظاهرة: "جبل السرج" لـ حسان العامري، و"غربال الخمري" لـ مولدي خليفي، و"حديث القرى الامازيغية" لـ عبد الحق طرشوني، و"طارت الشيخة" لـ نبيل بركاتي، و"صباط العيد" لـ أنيس لسود.