حنظلة: معنى التحرر

29 اغسطس 2015
غرافيتي في بلعين / فلسطين
+ الخط -

رحل ناجي العلي، منذ 28 عاماً، ولا تزال رسوماته حول المصالحة الفلسطينية والانقسام الطائفي والمذهبي وتآمر الأنظمة العربية على شعوبها.. وغيرها، كأنما رُسمت للتو؛ رفضٌ جذري لكل سلطة تستلب كرامة الإنسان وتنهب ثرواته، سواءً كانت احتلالاً أو قيادات فاسدة أو خرافةً تستند إلى الغيب.

كفَر بواقعه ولم يخضع إلى اشتراطاته، بدءاً من تمردّه على فن الكاريكاتير، وانحيازه إلى القسوة والغلظة في التعبير، غير مكترث بتوزيع الكتلة والبياض وتشكيلات الخطوط، كأنما أراد أن يؤسّس اختلافه في الشكل والمضمون.

اختار أن يكون فوق السياسة وتحزباتها، والأيديولوجيا وشعاراتها، والمنظّمة وفصائلها، والحكومات العربية بنسخها "الثورية" و"الرجعية"، واستمد قوّته من ضرورة مواجهة العجز القائم بإرادة حرّة وعقلٍ نقدي، استطاع عبرهما تشخيص الواقع واستشراف المستقبل، فتنبأ منذ السبعينيات بفشل السياسيين الذين تزعموا الثورة الفلسطينية، لأنها تخلّت عن حاضنتها الشعبية وانصاعت لإرادات خارجية، وانقسم قادتها على المغانم.

رأى أن التسوية ستنتج خسارات مضاعفة وتقود إلى هزائم جديدة للعرب جميعهم، وستغدو قيداً سياسياً، فثمن الاعتراف بالمقاومة هو نزع سلاحها؛ أداتها الوحيدة والناجعة في الصراع، لتتحوّل إلى مسخ دولة، بلا سيادة ولا قرار.

يخلد "حنظلة" لأنه آمن بأن فلسطين هي للفقراء من المحيط إلى الخليج، وعليهم تحمّل مزيد من المعاناة والاحتلال ليتحرّروا.. مرة واحدة وإلى الأبد.

المساهمون