مفكرون عرب في فرنسا: مرآة لا تعكس الأصل

03 نوفمبر 2015
(علي بن مخلوف في مقابلة مع راديو فرنسا)
+ الخط -

في وقت تبرز في الساحة الثقافية الفرنسية أسماء روائية من أصول عربية، يتواتر أيضاً اهتمام العالم بالأحداث الواقعة على أرض العرب ("إرهاب"، أزمة سورية، القضية الفسلطينية..). فإذا كان الروائيون من أصول عربية منشغلين اليوم بموسم الجوائز الأدبية في فرنسا، وهم في واجهة الترشيحات غالباً، فما هو حال المفكّرين من أصول عربية؟

تخترق مشهد الرأي العام الفرنسي قضايا عربية كثيراً ما تكون سبباً لظهور مكثف لمستعربي فرنسا، مثل فرانسوا بورغا وتيري ميسان وجيل كيبل، لكنها أيضاً مناسبة لظهور مفكّرين عرب مقيمين في فرنسا، مثل التونسي فتحي بن سلامة أو الجزائري مالك شبل، وغيرهما.

عموماً، تجري دعوة هؤلاء لفهم الظواهر العربية الإسلامية، وهم في معظمهم مختصّون فيها رغم تنوّع مجالاتهم من الفلسفة إلى التحليل النفسي. لكن لنتساءل عن الطرح الذي يقدّمونه، هل يعكسون من خلاله شيئاً من "الأصل" في ساحة الحديث الفرنسية؟

منذ أيام، ألقى المفكر المغربي المقيم في فرنسا، علي بن مخلوف، محاضرة بعنوان "الحاجة إلى قواعد". اقتصر حديث صاحب "لماذا نقرأ الفلاسفة العرب؟" على اختصاصه الأكاديمي، رغم أنه طرح سؤالاً إشكالياً وراهناً: "ما سبب القلق الحضاري الذي يسود اليوم؟".

يرى بن مخلوف أن غياب القواعد المتفق عليها هو الذي أوصل العالم إلى ما هو عليه الآن، موضّحاً في الأثناء كيف تقوم القواعد والتعاقدات في بث السلمية. من المفترض أن يفتح موضوع كهذا على قضايا الراهن العربي وسوء الفهم الناتج عنها، لكن الجانب التنظيري والتوافقي شرق/ غرب وشمال/ جنوب طغى على الرؤية.

في سياق آخر، كان الأسبوع الماضي فضاء جدل سياسي قوي في فرنسا حول تصريح أدلى به المفكر المصري السويسري الجنسية، طارق رمضان. لم تكن الضجة حول التصريح في حدّ ذاته، وإنما بخصوص التعامل الليّن لرئيس البرلمان الفرنسي كلود بارتولوني (مولود في تونس) مع حديث رمضان عن "الإسلام كهوية بديلة للجنسيات". علّق بارتولوني "ينبغي اليقظة أمام خطاب كهذا"، وهو ما التقطته القوى السياسية المنافسة واعتبرته تهاوناً.

نموذجَا بن مخلوف ورمضان يرسمان شيئاً من الحضور العربي في فرنسا، هو غالباً حضور شفاف أو على شفا الصدامية. في كلتا الحالتين، هو حضور يكشف عن غياب.

في الغالب، تبدو العقول العربية في فرنسا، مثلها مثل العقول الفرنسية طارحة لأسئلة في اتجاه واحد: غرب - شرق. ليس الأمر سوى تلبية لمطلب المركز في فهم شؤون الأطراف في عالم تنتقل فيه الظواهر كالعدوى. لكن، لنكن موضوعيين، هل ثمة مشروع مقابل لهذا المطلب المعرفي (شرق - غرب) كي ينخرط فيه هؤلاء؟

المساهمون