بين مجازين

16 أكتوبر 2015
وفا حوراني / القسم الثقافي
+ الخط -

ثمّة نوعان من المجاز: العاجز والفعّال. تعوّدنا، داخل الأول، أن نكون وحيدين تماماً. ندافع باللحم العاري، عن البلد العاري، وكلانا في فم الوحش تماماً.

معجزتنا ـ ونعرف ذلك تماماً ـ فينا لا خارجنا. معجزتنا ـ وبعضنا لا يعرف ذلك تماماً ـ تقبع هناك، في "المأثور" الذي يجترحه كل شعب محتلّ بطريقته الخاصة. قلناه قبل أن يكتبه المناضل الإيطالي بطريقته: "تشاؤم العقل، تفاؤل الإرادة".

بهذا المعنى، فلسطين الأرض والشعب، ستبقى أسيرة هذا النوع من "المجاز الفعّال"، شئنا أم أبينا. فهما زوجان كاثوليكيان قديمان، لا فكاك بينهما حتى تتحرّر الأولى من احتلالها، فيتحرّر الثاني من كثافته. فما الذي يقوله واحدٌ سَئِمَ من شيوع "المجاز العاجز"، مثلاً؟

حسبُه أن يشير هنا، إلى معضلة عويصة، إلى الآن لم تجد حلّها، في حقل الأدب. ومناسبة هذا الإشارة هي استرجاعُ المرء لمجمل التجربة الأدبية التي كُتبت أثناء الانتفاضتيْن، والخوف من إعادة إنتاج فشلها الفني العام، مقابل الاكتفاء بـ "الدورالوطني" فقط.

إعادة إنتاج، دون الانتباه، هذه المرة ـ ونحن على مطالع انتفاضة ثالثة ـ إلى وجود طرق ووسائل جديدة تؤدّي ذلك الدور على نحو أفضل، وبلا مضاعفات جانبية للمكتوب أو موته المحتّم بُعيد لحظة الولادة. نقول هذا للمخضرمين، برجاء ألّا يعودوا إلى قديمهم الذي يقول "كل شيء"، فلا يقول "أي شيء"، بالمحصّلة.

نعرف: مجازُنا مغطّىً بالدم. مجازنا باهظ الفداحة. مجازنا لا يمنحنا أية مسافة، لبصيص تأمّل واستبصار. ولذا علينا نحن إعطاء أنفسنا تلك المسافة.

آمل أن نتعلّم من جدارة التجربة السورية.



اقرأ أيضاً: تنحّوا عن طريقنا

المساهمون