استمع إلى الملخص
- خلوفي يستمر في استكشاف الثيمة الأندلسية في معرض "صلوات مكتوبة" ضمن "معرض الخط العربي" بالجزائر، مقدمًا أعمالًا قديمة وجديدة تعكس بحثه النظري والتطبيقي في البناءات البصرية والخطاطين الأندلسيين.
- يستلهم خلوفي فلسفة المعماري الشاعر أبو إسحاق الساحلي، مؤكدًا على الجمالية الباطنية والمنحنيات في أعماله، ويعبر عن تجربته الفنية بأنه يكتب حروفه بـ"عين قلبه"، متحررًا من المدارس الفنية الاستعمارية.
اهتمّ التشكيلي الجزائري يزيد خلوفي (1963) بالنقوش الكتابية الأندلسية التي شكّلت ذاكرته البصرية منذ نشأته في مدينة تلمسان (غربي الجزائر)، حيث تحتشد مساجدها وأضرحتها وزواياها بهذه النقوش، متأمّلاً تطوّر الحروفيات في الأندلس ضمن سياق التصوّف.
أعاد الفنان في أعماله إنتاج خطوط وزخارف ومنمنمات من التراث ضمن رؤية معاصرة، قدّمها في العديد من المعارض الفردية والجماعية التي شارك فيها، وتُمثّل امتداداً لبحثه النظري والتطبيقي في أكثر من مشروع فنّي حول خطاطين من التراث العربي والأندلسي.
يواصل خلوفي العمل على الثيمة نفسها في معرض "صلوات مكتوبة" الذي يُفتتح عند الخامسة من مساء اليوم الخميس في "دار السلام" بالجزائر العاصمة، في إطار فعاليات "معرض الخط العربي: الحبر، النقطة، الخط" الذي أطلقته الدار في السابع عشر من الشهر الماضي ويستمر حتى الثامن من الشهر المقبل.
في حديثه إلى "العربي الجديد"، يشير الفنان الجزائري إلى أن المعرض يشتمل على مجموعة من الأعمال القديمة والجديدة نفذها في مدينة قرطبة، ضمن مشروعه البحثي الذي يشتغل فيه على البناءات البصرية التي تشكّل المخطوط الأندلسي، حيث يتقفّى أثر أحد الفلاسفة الذي نشأ وترعرع في مدينة غرناطة ورحل عن الدنيا في مدينة تمبكتو بشمال مالي.
ويوضّح يزيد خلوفي أن "معظم أعماله تستمد قوتها من فلسفة المعماري الشاعر أبو إسحاق الساحلي المعروف بـ"الطويجن" (1290 - 1346 م)، الذي نظّر للعمران واشتغل على العمارة التراببة، وكانت فلسفته الجمالية منطلقاً لبعض فناني الأندلس في عصور لاحقة، وعلى رأسهم أنطوني غاودي (1852 - 1926)".
ويضيف: "يشتغل الطويجن على قاعدة جمالية تعطي الأولوية للباطن على حساب الظاهر، والمنحنيات على حساب الزوايا، معتمداً على قاعدة أنّ أوّل مسكن للإنسان كان الرحم حيث تنعدم الزوايا". ويستحضر خلوفي مقولته: "أنا شاعر، والعمارة هي شعر من الحجر والطين، ولهذا سأشعر وأرد، يوماً ما سأشيّد لكم قصوراً ومساجد".
ويبيّن أن مخياله الجمالي ينتمي إلى الفضاء الأندلسي في سياق تحرّره من المدارس الفنية التي كرّستها فرنسا الاستعمارية في بلاده، حيث تتقاطع الجماليات بالثقافات المختلفة في فنون الأندلس، وهو يتناول الكتابة العربية خارج داىرة التقعيد المعروفة في الخط العربي التي أسس لها ابن مقلة وياقوت المستعصمي، موجزاً تجربته بالقول: "أكتب حروفي بعين قلبي وليس عين جسدي".
يُّذكر أن يزيد خلوفي فنّان وباحث جماليّ، عصاميّ التكوين، وُلد في حمّام بوغرارة بولاية تلمسان في الجزائر. له العديد من المشاريع الفنّية، منها: "مقامات" (مشروع منشأة متعدّدة الاختصاصات: قراءة جمالية لحال الوصول إلى الإنسان الكامل)، و"من الوجود إلى الوحدة" (قراءة جمالية وعرفانية لفعل الحج)، و"وجوه مكتوبة" (منشأة حائطية)، و"خطّ الرمل" (منشأة ظرفية على الرمل). أقام العديد من المعارض في تركيا وألمانيا واليونان وفرنسا والأردن وليبيا ولبنان، بالإضافة إلى الجزائر.