وقفة مع: هالة كوثراني

20 يوليو 2022
هالة كوثراني (تصوير: عمّار عبد ربه)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. "عشتُ دوماً مشتّتة بين عوالم جعلتُ بينها حدوداً، ثم اكتشفت أنّي كنت قاسية بالفصل بينها"، تقول الكاتبة اللبنانية لـ"العربي الجديد".


■ ما الذي يشغلكِ هذه الأيام؟
تشتُّتُنا، كعائلة، كلّ في بلد. تشغلني أيضاً محاولة النجاة التي تجعلني شخصاً آخر؛ النجاة من سيطرة قادة الحرب السابقين وقاضمي هيكل الدولة على تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا. قبيحٌ تحوّل الغضب المقرون بما يشبه الأمل إلى محاولة نجاة. لكن هذا هو الواقع بتشعّباته المختلفة التي تطاول حياتنا كبشر وكمواطنين.

■ ما هو آخر عمل صدر لكِ وما هو عملكِ القادم؟
رواية بعنوان "يوم الشمس" صدرت في آذار/ مارس 2022 عن "دار هاشيت- أنطوان/ نوفل". أخطّ دوماً أفكاراً أغربلها لاحقاً. ولعلّ الأفكار تختارني وتلاحقني لتكون مشاريع ثيمات روائية. لا تزال ملامح عملي الجديد غير واضحة. أحتاج الآن، بعد صدور عملي الجديد، إلى الغوص في القراءة والذات.

■ هل أنتِ راضية عن إنتاجك ولماذا؟
كلّما أبعدَتني المسافة الزمنية عن أحد أعمالي تداخلَت التفاصيل؛ تفاصيل الدوافع إلى الكتابة التي تجعلها حاجة ملحّةً وفعلاً لا مفرّ منه. يأتي الرضا من الصدق الذي لا أعني به نقل الحقيقة، بل اختراع الحياة (ابتكار الشخصيات والمواقف) لكتابتها بصدق. من هذا المنطلق، يمكن أن أقول إنّني راضيةٌ عن إنتاجي. ربّما في عمل واحد شعرتُ خلال الكتابة بأنّني أهتمّ بصياغة الأفكار على حساب البناء الروائي. لكن الكتابة يجب أن تكون حيّة، أن تحيا معنا، تتنفّس وتتغيّر وتتطوّر.

■ لو قُيّض لكِ البدء من جديد، أي مسار كنت ستختارين؟
عشتُ دوماً مشتَّتةً بين عوالم جعلتُ بينها حدوداً، ثم اكتشفتُ أنّني كنت قاسية بالفصل بينها. كنت أحلم بمنح وقتي للقراءة والكتابة لا للمسار المهني المتمثّل بوظيفة في مؤسّسة صحافية، وهو مسار استمرّ نحو تسعة عشر عاماً قبل أن يقودني إلى المحطّة الأخيرة. لكن لكلّ مرحلة شروطها وتجاربها التي تُغني تجربة الكتابة بكل الأحوال. اقتنعت أخيراً بأنّ المسار الذي اخترته كان الطريق الوحيد إليّ.

■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟
أن تكون المرأة، خصوصاً في عالمنا العربي، حرّة في اختياراتها على مستويات مختلفة، من السير في وسط البلد بالزي الذي تريده من دون التعرّض لأيّ مضايقة، إلى ممارسة المهنة التي تختارها وتسمح لها بالإبداع وتوظيف طاقاتها وقدراتها، إلى نيلها حقوقها المادية المساوية لما يناله زملاؤها الرجال في الوظيفة نفسها. هذا هو التغيير الذي لن نقبل بأن يطاردنا اليأس خلال سعينا إليه.

اقتنعت أخيراً بأنّ المسار الذي اخترته كان طريقي الوحيد

■ شخصية من الماضي تودين لقاءها، ولماذا هي بالذات؟ 
الطاهرة قرّة العين، الشاعرة المثقّفة المناضلة التي قُتلت عام 1852، وألهمتني الشخصيةَ الرئيسة في إحدى رواياتي. تبدو لي شخصية روائية بامتياز. عُرف أنّ أعمالها أُحرقت وأُتلفت حتى ادّعى البعض أنها شخصية متخيَّلة لم ترَ النور في الحقيقة، ونسب إليها البعض الآخر نصوصاً منحولة. جرأة طروحها وأفعالها مذهلة، أحبّ أن أتأكّد منها. 

■ صديق/ة يخطر على بالك أو كتاب تعودين إليه دائماً؟
خلال أعوام عملي في الصحافة الثقافية حظيت بصداقات ثمينة جمعتني بمَن اكتشفتهم أدبياً قبل أن أكتشفهم إنسانياً. هؤلاء المبدعون يحيون بالكتابة كي لا أقول لأجلها. دفعتني الإجابة عن سؤال "لماذا نكتب؟" التي بحثتُ عنها في أعمال الأصدقاء والصديقات المبدعين والمبدعات، إلى العودة المتكرّرة إلى ما كتبه جورج أورويل مجيباً عن السؤال نفسه ("لماذا أكتب؟"). أعود أيضاً إلى رواية "1984" المدهشة في تنبّؤها بنموذج الديستوبيا كما عرفه عالمنا. الكاتب البريطاني إم فورستر مذهل بدوره في تخيُّل المستقبل في روايته القصيرة (نوفيلا) "الآلة تتوقّف".

■ ماذا تقرأين الآن؟
أقرأ الآن رواية "حفلة التفاهة" لـ ميلان كونديرا، وكتاب "فريديريك نيتشه: سيرة فلسفية" لـ جوليان يونغ. 

■ ماذا تسمعين الآن وهل تقترحين علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
أستمع دوماً إلى تشيللو سويت رقم 1 لـ يوهان سيباستيان باخ خلال القراءة أو الكتابة (أحبّ أن أستمع إلى القطعة الموسيقية نفسها)، وإلى أستور بيازولا، وطبعاً إلى فيروز وزياد الرحباني. كما أنتظر جديد راب بو ناصر الطفار والفرقة المصرية "كايروكي".


بطاقة
كاتبةٌ لبنانية من مواليد بيروت عام 1977. درست العلوم السياسية (بكالوريوس في الآداب) والأدب العربي (ماجستير) في "الجامعة الأميركية" في بيروت. صدرت لها عن "دار الساقي" روايات: "الأسبوع الأخير" (2006)، و"استديو بيروت" (2008)، و"علي الأميركاني" (2012)، و"كاريزما" (2014)، و"يومان ونصف" (2019). وعن "دار هاشيت أنطوان" كتاب "غابريال شانيل: خيوط حياتها" (2017) ورواية "يوم الشمس" (2022).

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون