"ورَثة ابن سينا".. قرنان من التأثير الفلسفي

08 أكتوبر 2023
تمثال ابن سينا في "نُصْب العلماء" الذي يجمعه بالبيروني والرازي وعمر الخيّام، فيينا
+ الخط -

شكّل الطبيب والفيلسوف ابن سينا (980 - 1037م) تيّاراً فكرياً مُهمّاً في تراث الفلسفة الإسلامية، كما لم يكن أثرُه مُقتصراً على ما كتَب، أو على العصر الذي عاش فيه فقط، بل إن قراءة شاملة لإسهاماته نجدُ أصداءها، عند مُريديه أولاً، بقدر ما تتعدّاهم إلى مَن ردّوا عليه، لاحقاً، من الفلاسفة والمُتكلّمين والفقهاء. هذه القوس الطويلة من المقولات والشروحات والردود، وحدها ما تُحدّد الأُطر النظرية لمدرسته.

"ورَثة ابن سينا: الفلسفة في الشرق الإسلامي في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، الميتافيزيقيا واللاهوت"، عنوان الكتاب الصادر حديثاً عن "منشورات بريل"، للباحثَين بيتر أدمسون وفيدور بينفيتش، في محاولة للوقوف على أثر الشيخ الرئيس خلال القرنَين التاليين للفترة الزمنية التي عاش فيها، وضمن الجغرافيا الإسلامية المُمتدّة بين بلاد الشام غرباً، وآسيا الوسطى شرقاً.

يقع الكتاب في سبعمئة صفحة، ويتكوّن من مقدّمة وثلاثة عشر فصلاً. وينطلق المؤلّفان فيه من قُدرة صاحب "القانون في الطب" على تشكيل مرجعية فلسفية امتدّت لأكثر من قرنين من الزمن، فضلاً عمّا خلقته أفكارُه من نشاط فلسفي لدى أسماء كثيرة مثل الغزالي، والسهروردي، وفخر الدين الرازي، ونصير الدين الطوسي، وغيرهم. 

الصورة
ورثة ابن سينا - القسم الثقافي

ويُركّز العمل بشكل خاص على قضايا الميتافيزيقا، ويتعامل مع موضوعات مثل التمييز بين الجوهر والوجود، ومُشكلة الكلّيات، والإرادة الحرّة والحتمية، وأشكال الأفلاطونية (المُحدَثة)، ومسألتَي الخير والشرّ، وأدلّة خَلْق الكون، والعلاقة بين الفلسفة واللاهوت.

كما يبحث الكتاب، أيضاً، في مسألة الكونية، وكيف تأثّر ابن سينا بمقولات الفلاسفة من قبله، خاصة مع ما أتاحه العصر الذي عاش فيه من انفتاح على الأفكار، وهذا هو السبب في حضور أفكار الأفلاطونية المُحدَثة، التي انتعشت خلال الحقبة الهلنستية، في فلسفته، وستستمرّ من بعده.

يُشار إلى أنّ بيتر أدمسون هو أستاذ الفلسفة العربية في جامعة "لودفيغ مكسيمليان" بميونخ، وقد نشر أبحاثاً حول الكندي والرازي، كما حرّر مجموعة مقالات حول الفلسفة السينوية، صدرت عام 2013. أمّا فيدور بينفيتش، فيعمل مُحاضراً في "جامعة إدنبره"، وسبق أن وقّع كتاباً بعنوان "الجوهر والضرورة: ابن سينا والتقليد الأرسطي" (2018).
 

 

المساهمون