في 2012، زار الفنّان التشكيلي الجزائري، هاشمي عامر، الصين؛ حيث شارك في ورشاتٍ فنّية مع عددٍ مِن التشكيليّين العرب. لكن تلك لم تكُن زيارته الأولى إلى هذا البلد؛ ففي منتصف الخمسينيات، قضى ثلاث سنواتٍ في بكين التي درس في أكاديميتها المركزية للفنون التطبيقية بين سنتَي 1985 و1988.
وفي معرضه الذي افتُتح السبت الماضي في "رواق باية" بـ"قصر الثقافة مفدي زكريا" في الجزائر العاصمة ويستمرُّ حتى السادس مِن شباط/ فبراير المُقبل، ينقل عامر مشاهداته وذكرياته في الصين عبر قرابة ستّين عملاً تتنوّع بين التخطيطات واللوحات المنجَزة بالألوان المائية.
ترصد أعمال المعرض، الذي يحمل عنوان "الصين بعيون هاشمي عامر"، مناظر مِن طبيعة الصين وعمرانها، مثلما تقترب مِن خصوصيات المجتمع الصيني، مِن خلال الإضاءة على لحظاتٍ إنسانية ومشاهد مِن الحياة اليومية.
إلى جانب الحدائق والمناظر الطبيعية مِثل نهر آمور المعروف باسم "نهر التنّين الأسود"، والذي يحتلّ المرتبة الخامسة عشرة بين أطول أنهار العالم، تحضر في اللوحات معالم سياحية ومعابدُ وبناياتٌ مختلفة تعكس خصوصية العمارة الصينية وجمالياتها، وتعود في مجملها إلى التراث الصيني المدرَج ضمن قوائم التراث العالمي؛ ومِن ذلك "صُور الصين العظيم"، و"معبد السماء".
معالم وأبنية مختلفة تعكس خصوصية البيئة الصينية وجمالياتها
مِن بين المعالم التي يرسمها عامر، أيضاً، مقبرة الإمبراطور الأول كين، المعروفة باسم "جيش الطين" في مدينة زيان شمال غرب الصين، والتي بُنيت في العام 246 قبل الميلاد، وتضمُّ آلاف التماثيل الطينية التي تحمل ملامح دقيقةٍ وغير متشابهة، وشارك في إنجازها قرابة سبعمئة ألف شخص بأمرٍ من الإمبراطور الذي أراد أن يأخذ معه جيشاً لمساعدته في الحياة الآخرة. وقد اكتُشف الضريح مِن قبل مزارعين محليّين عام 1974.
عُرضت الأعمالُ، التي أنجزها عامر في الصين، في عدّة فضاءات بالجزائر العاصمة؛ من بينها: "المتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط"، و"المدرسة العليا للفنون الجميلة"، وستُعرَض لاحقاً في مدينة مَغنية بتلمسان (غرب) وفي مُدن جزائرية أُخرى.
وبالنسبة إلى عامر، فإنَّ هذه الأعمال تُتيح للزائر، إلى جانب استكشاف حضارةٍ بارزة في الشرق الأدنى، مشاركة تجربته في هذا البلد والاطلاع على قيمة العمل لدى الشعوب المتقدّمة، مثلما يقول في تقديمه للمعرض.
يُذكَر أن هاشمي عامر مِن مواليد مدينة حجّوط بتيبازة قرب الجزائر العاصمة عام 1959، وحصل على شهادة الدراسات العليا مِن "المدرسة العليا للفنون الجميلة" في العاصمة، ثمّ شهادةٍ في تخصُّص المنمنمات مِن المدرسة نفسها عام 1985، قبل أن يحصُل على بكالوريوس في الدراسات العليا من "الأكاديمية المركزية للفنون التطبيقية" ببكين عام 1988، وسبق له أن عرض أعماله في الجزائر وفرنسا وإيران والولايات المتّحدة.