يعد المصور الفوتوغرافي نيكولاس مولر (1913 - 2000)، أحد رواد التصوير الاجتماعي في المجر، ومثله مثل العديد من مواطنيه الفوتوغرافيين كإيفا بيسنيو وبراساو وروبرت كابا وأندريه كيرتيس وكاتي هورنا، قضى معظم حياته في المنفى، ولد لعائلة يهودية برجوازية، وغادر المجر عام 1938.
قضى مولر بعض الوقت في باريس والبرتغال والمغرب قبل أن يستقر في إسبانيا، وكان لتجربة أسفاره هذه والمواقف والأشخاص الذين قابلهم على طول رحلته أثرا كبير في تشكيل هوية أعماله الفوتوغرافية، حيث اكترثت عدسته بمشاهد الرحّل واللاجئين والبشر على الطريق.
المعهد الثقافي الإسباني في طنجة يستعيد تجربة مولر بمعرض يفتتح في الخامس من الشهر المقبل تحت عنوان "النظرة المخترقة"، حيث يسعى القائمون على المعرض، وفقاً لبيانه التقديمي إلى "توسيع نطاق المعرفة بأعمال مولر من خلال 125 صورة معظمها غير منشورة. هذه هي الصور التي لم يظهرها نيكولاس مولر مطلقًا أو أظهرها وحررها فكانت جزءاً من الأعمال التحريرية التي استخدمت القليل فقط من تلك الصور، وفي كثير من الحالات يمكن القول إنها "مشوهة"، حيث أعيد تأطيرها لتتكيف مع احتياجات المنشورات، التي تصل في كثير من الحالات، إلى أن يتعذر التعرف عليها تقريبًا بالنسبة إلى اللقطة الأصلية".
الصور التي تمتلك "النيغاتيف" منها ابنة المصور آنا، جرى تحميضها من جديد، وتعرض اليوم من دون تحرير ولا قص بغية "توسيع السجل الذي كان لدينا لنيكولاس مولر والتحقق من الجودة الرائعة للعمل الذي لا يزال غير المنشور"، وفقاً للقائمين على المعرض.
مثل العديد من زملائه المصورين المجريين في ذلك الوقت، عمل مولر في ثلاثينيات القرن الماضي في سياق وثائقي إنساني، مما يدل على شعور قوي بالتعاطف مع عالم العمل وأفراد المجتمع المهمشين، وسيظل اهتمامه بتجربة الرجل العامل سمة مميزة لصوره. مع تغير السياقات الاجتماعية والسياسية، قام بتصوير عمال زراعيين وعمال أرصفة في موانئ مرسيليا وبورتو، ثم الأطفال والباعة الجائلين في طنجة، والحياة في الريف. في وقت لاحق، قام بتصوير شخصيات ثقافية واجتماعية في مدريد.
حصل نيكولاس مولر على أول كاميرا له في سن الثالثة عشرة، وبدأ على الفور في استكشاف قدرتها على التعبير عن فكرة معينة عن العالم والبشر. حافظ على شغفه بالتصوير الفوتوغرافي حتى بعد أن درس القانون والسياسة.كانت كاميرته، والشعور بأنه يستطيع استخدامها للتعبير عن مغامرة الحياة، من الثوابت التكوينية في حياته وفنه.
كتب مرة "تعلمت أن التصوير الفوتوغرافي يمكن أن يكون سلاحًا ووثيقة حقيقية للواقع. أصبحت شخصًا مرتبطًا أكثر بالناس من حولي، ومصورًا ملتزماً".
حين وصل مولر إلى طنجة عام 1938، أيقظته المدينة على حالة من الإبداع شبه المحموم. وقد كتب عن تلك الفترة: "تتوق عيني ويدي وكياني للذهاب إلى كل مكان والتقاط الصور حيثما استطعت"، وذكر أن تصويره الدؤوب لطنجة علمه كيفية التعامل مع تحدٍ جديد؛ هو الضوء الشديد.
عاش مولر في طنجة سبعة أعوام وصفها بأنها أسعد سنوات حياته، ولم يغادرها إلا وقد شارك في عدة كتب حولها وصوّر اللاجئين الفارين من أوروبا عبر المغرب إلى أميركا وكندا، إلى أن قرر الانتقال إلى مدريد من أجل العودة إلى العمل كمصور صحافي، واستكشاف مناطق إسبانيا.