استمع إلى الملخص
- "منتدى سبعين" في صيدا بدأ كمعمل لتصنيع اللافتات وتحول إلى منتدى ثقافي ينظم أنشطة متنوعة، بينما "اللقاء الثقافي" في بعلبك يشهد نشاطات تشمل الفنون والمسرح والموسيقى.
- "نادي القرّاء - أنصار" في النبطية يركز على الرواية وتحسين قدرة الفرد على سماع الرأي المختلف، بينما "نادي الكتاب اللبناني" و"حوارات بيروت" و"يلّا نقرأ" في صيدا يعقدون فعاليات لتعزيز القراءة.
تُشكِّل نوادي الكتاب في لبنان جزءاً من المشهد الثقافي للبلاد، كما أنها انعكاسٌ بشكل أو بآخر لصنعتَي الكتابة والنشر، وتفاعُلٌ معهما، وإن بدَت ظاهرة جديدة لدى البعض. ومن خلال سؤال "ماذا تقرأ؟" نقف على إجابات تنقُلنا من فعل القراءة الفردي إلى القراءة بوصفها فعلاً جَمعيّاً تشارُكياً وأحياناً تغييريّاً. وفي محاولة للوقوف على أحوال هذه النوادي والنظر في راهنها، كنوع من التوثيق الثقافي المباشر، واستكشافاً لما يشغل شريحة واسعة من المُنضمِّين إليها، التقَت "العربي الجديد" بمجموعة قرّاء من مناطق لبنانية مختلفة، حيث تحدّث كلٌّ منهم عن نادي القراءة أو المنتدى المُنضمّ إليه، والقصة التي تكمُن وراءَه.
"الجمعية اللبنانية للقرّاء".. تنوُّع الأجناس الأدبية واللغات
في عام 2017 تأسّست "الجمعية اللبنانية للقرّاء" في بيروت، "بهدف خلق تفاعُل بين القُرّاء والكتّاب ودُور النشر، واستكشاف مختلف أنواع الكتب، فالمشاركون معنا ليس عليهم أن يكونوا قُرّاءً، كلّ ما يحتاجون إليه ليُصبحوا أعضاء هو وجود مَيل نحو القراءة وحاجتهم إلى مجتمع من القرّاء يتفاعلون معه"، بهذه الكلمات تفتتح سهى حلّاب، وهي من أعضاء النادي، حديثها إلى "العربي الجديد".
وتتابع: "يلتئم أعضاء النادي: رهام لزيق، وكريم قليلات، وهشام زين الدين، ورشا سلمان مرّة في الشهر، ويتركّز النشاط الرئيس على مناقشة عدّة كتب، وهو نشاط مفتوح للجمهور، حيث تُنشَر بداية دعوة للمراجعات عبر حسابات النادي على وسائل التواصل الاجتماعي؛ ومن خلال هذه الدعوة، يتقدّم القرّاء الذين يودّون التحدّث عن كتاب يحبّونه ومشاركته مع أعضاء النادي، ويتمّ اختيار أربعة كتُب لهذا النشاط بالاستناد إلى تنوّع الأجناس الأدبية واللغات، ويجذب هذا النشاط عادةً جمهوراً كبيراً نسبياً بسبب عدم الحاجة إلى قراءة الكتب مُسبقاً، حيث يحضر الناس بفضولهم ويشاركون في طرح الأسئلة".
أيّ علاقة للقارئ بالكاتب والناشر وبفضاء المدينة؟
كذلك تُنظّم "الجمعية اللبنانية للقرّاء"، وفقاً لسهى، نشاطَين: "استضافة كاتب عربي، ويحدث هذا عادةً من خلال الاتصال من قبل الكتّاب، لمناقشة آخر رواياتهم، وتقديم رحلتهم الكتابية، والهدف هنا هو الترويج للكاتب، وتوفير فرصة للقرّاء لطرح أسئلتهم، ونشاطاً آخر، مثل أي نادي كتب، حيث نختار كتاباً واحداً لمناقشته، وتحليله، والتفصيل فيه من البداية إلى النهاية. نُعلن عن الكتاب قبل شهر من اجتماعنا، ويجب على جميع القُرّاء قراءة الكتاب للمشاركة".
وتُضيف: "لدينا نشاطان إضافيان نعتزم إحياءهما منذ توقُّفهما بسبب الأزمات في لبنان، وهُما: ليالي مسابقات الأدب، وزيارة ثقافية، حيث نزور قرية لكاتب لبناني، ونناقش كتبه، ونتمشّى هناك ونتذوّق الطعام المحلّي".
وتختم سهى حلّاب حديثها إلى "العربي الجديد" بالقول: "نحتفظ بعلاقة قوية وإيجابية مع فضاءات القراءة في المدينة، بما في ذلك المكتبات العامّة والمقاهي المخصصة للمطالعة، فنحن نقيم أنشطتنا عادةً في 'مكتبة برزخ' بشارع الحمرا، وأحياناً نُنوّع بين الأمكنة الأُخرى، مثل 'مكتبة السبيل'، و 'المكتبة العامة' في بيروت، و 'بيت زيكو'، وliving room".
"سبعين".. من معمل إلى منتدى
أمّا وليد العاصي فيتناول تجربته بتأسيس "منتدى سبعين" الذي انطلق في مدينة صيدا في نيسان/ إبريل من العام الجاري، يقول في حديثه لـ"العربي الجديد": "المكان في أساسه هو معمل أُديرُه لتصنيع اللافتات المعدنية، قمتُ باقتطاع جزء منه وأثّثته كمنتدى، والفكرة بالمناسبة ليست من اختراعي، هي موجودة حول العالم، فمثلاً في سيريلانكا حُوّلت معامل الشاي إلى مقاهٍ، وكذلك الأمر في فرنسا وأميركا. في البداية، كثُرٌ لم يشجّعوا الفكرة، على أساس أنّ أحداً لا يستطيع تحمُّل التكاليف والخسائر، فالأندية الثقافية غالباً ما تكون مدعومة من جهات تمويلية أو حتى سياسية ورسمية، ولكنّي لم أقتنع بالفكرة، وبدأتُ وعائلتي بنقل مكتبتنا المنزلية إليه، وفتحنا باب التبرُّع بالكتُب، حتى تشكّلت لدينا مكتبة كبيرة. المنتدى قائم على جهد شخصي بالمطلق، وتتمّ تغطية النفقات من عملي الشخصي في تصنيع اللافتات".
إيمان بالقراءة رغم العدوان والإبادة والانهيار الاقتصادي
ويتابع العاصي: "انطلاقتنا في يوم الافتتاح كانت برواية "قناع بلون السماء" للأسير والروائي الفلسطيني باسم خندقجي، وقد طلبت من القُرّاء والحضور أن يقوموا بالكتابة عن الرواية، بعدها شكّلنا لجنة ثقافية من عدّة أشخاص لتنظيم النقاشات في المنتدى بما يتجاوز الروايات والقصص إلى الكُتب الفكرية والشعر والفلسفة، كذلك لدينا أنشطة أُخرى، عروض سينمائية وفرق غنائية ونحضّر لمعرض للفنون التشكيلية، كما أقمنا سلسلة لقاءات حول الصحة النفسية، ونخطّط لتنظيم رحلات تعارُف بين رُوّاد المنتدى".
يَجمع وليد العاصي في حديثه بين الماضي والحاضر في مقارنة سريعة، يقول لـ"العربي الجديد": "كان في صيدا قرابة الثلاثين نادياً وجمعيّة مَعنيّة بالكِتاب، وربّما أعرقُها 'نادي خرّيجي المقاصد'، و 'جمعية الأدب والثقافة '، و'مركز معروف سعد'، أمّا حالياً فلا توجد سوى خمس أو ستّ جمعيات وهي مجرّد أسماء لا فعالية لها، شأنها شأن العمل النقابي الذي ذوى ولم يعُد له حضور".
ويُرجِع وليد مشكلة تلك النوادي إلى "أنها كانت تُحسب على فريق سياسي أو فكري معين، الأمر الذي ضيّق مجال مشاركة العموم فيها، وأدخلها في منافسات بعيدة عن جوهر الثقافة، ومن هنا جاءت فكرة أن يكون 'سبعين' مساحة عامة مفتوحة لكلّ التيارات، لليساريين والإسلاميين والليبراليين والقرّاء العاديّين". ويختم مؤسّس المنتدى حديثه إلى "العربي الجديد" بالقول: "في لبنان لا توجد دولة، وبالتالي مُطالبَاتنا لوزارة الثقافة أن تكون حاضرة لا قيمة لها، أمام غياب الكهرباء والمياه والاقتصاد والأمن وغيرها من الخدمات المباشرة".
"مكتبة الحلبي".. قراءات في ثلاث مدن
مع الانطلاقة الثانية لـ"مكتبة الحلبي" في منطقة قصقص، قرب مخيم شاتيلا ببيروت عام 2017، تأسّس نادي الكتاب التابع لها، حيث كانت تجري مناقشة كل كتاب على ثلاث مراحل، في بيروت أولاً ومن ثمّ في صيدا وصور، لكن بعد ذلك التاريخ بعامَين اضطرّ المنظّمون للتوقّف بفعل الأزمة الاقتصادية وانتشار جائحة كورونا عام 2020، قبل أن يُعاود النادي أنشطته في مطلع العام الجاري، حيث أُقيمت ثلاث جلسات في بيروت فقط، لكنّ الظرف العام الذي فرضه العُدوان على لبنان، وقصف المُسيّرات الإسرائيلية للطريق الساحلي الواصل بين المدن الثلاث أكثر من مرّة، فضلاً عن حالة القلق التي هيمنت على العاصمة اللبنانية، وارتفاع كلفة المواصلات، أجبرت المنظّمين على إيقاف نشاطهم للمرّة الثانية.
تتحدّث الشريك المؤسس في المكتبة لانا الحلبي لـ"العربي الجديد"، واصفةً المحاولات الدؤوبة من أجل استمرارية المشروع الذي يعود تأسيسه إلى عام 1958، وتستعيد انعقاد الجلسة الأولى لنادي الكتاب الذي أُطلق في أيار/ مايو 2017 بذكرى النكبة الفلسطينية، بقراءة "عائد إلى حيفا" لغسّان كنفاني، ومن ثم توسّعت أنشطة النادي لتشمل بيروت وفضاءات ثقافية أُخرى في صيدا وصور.
وتُضيف: "خلال أعوام انعقاد النادي تنامت نسبة المشاركين حتى وصلت إلى قرابة خمسين شخصاً في كل جلسة. كما كان الحضور النسائي يطغى، ومع الوقت أصبح أكثر تنوّعاً. والفكرة من كل هذا هي استقطاب الناس وترغيبهم بالقراءة، بعيداً عن النخبوية، وبغضّ النظر عن القراءة الشرطية للكتاب، وبهذه الطريقة تمكّنّا من قراءة قرابة 20 كتاباً، أي 60 جلسة تقريباً على اعتبار أنّ الكتاب كان يُقرأ ثلاث مرّات، ولكَ أن تتصوّر كمّ المجهود الذي كنّا نبذله للتنسيق وإتاحة الكتاب قبل المناقشة ودعوة الناس بين ثلاث مدن، كل هذا قبل انعقاد الجلسة الأساسية. ومع انقطاع الطرقات وتردّي الوضع الاقتصادي، والإغلاقات وحظر التجوّل الذي تزامن مع الجائحة، أصبح كلّ هذا صعب التحقّق".
وختمت: "لم ننظر إلى النادي بأنه محصور بفعل القراءة ومعايير الانتساب، بالعكس تماماً، هو ملتقى اجتماعي لتعارف الناس، ولاكتساب المعرفة وتحريرها من الكتاب، قد لا يكون بإمكانك قراءة الكتاب لكنك أمام فرصة أن تستمع لشخص قرأه، وقد تكون ضغوط الحياة متراكمة فيأتي اللقاء ليمنحك متنفّساً وبراحاً لتفكّر في عوالم الأدب والخيال بعيداً عن قسوة الواقع، والحوار بين أشخاص قادمين من خلفيات متنوّعة".
"منتدى صُور الثقافي".. مسافة مُعارِضة من السلطة
كذلك التقت "العربي الجديد" بمسؤول اللجنة الإعلامية في "منتدى صُور الثقافي"، الكاتب نبيل مملوك، الذي أشار إلى "أنّ هذا العام يُصادف الذكرى الثلاثين لتأسيس المُنتدى، ويضمّ مجموعة من النخبة العلمية والثقافية للمدينة الواقعة جنوبي لُبنان، وينقسم إلى جمعيّة عُمومية وهيئة إدارية تتألّف من 12 عضواً، موكلين بمهمّات محددة".
ويُتابع: "للمنتدى خلفية يسارية بطبيعة الحال كون الحركة الثقافية كانت مرتبطة باليسار إبّان التأسيس، لكن هذا لا يعني أن أعضاء المنتدى هدفهم رفع شعارات أحزاب اليسار فحسب، فهو إنمائي ثقافي اجتماعي، ومنذ ثلاثين عاماً نعمل على هذه النقاط وما زلنا، في حين أن أنشطتنا مفتوحة على أحزاب من مختلف التشكيلات، مع الاحتفاظ لنفسنا بموقف مُعارض لكلّ الأحزاب السلطوية والتقليدية، وعلى سبيل المثال، ناقشنا في آخر جلساتنا كتاب الباحث محمد علي مقلّد 'في نقد الحرب الأهلية'، وتمّ نقاشه من كثير من الأطراف المختلفة معه، يساراً ويميناً وقوى مُقرّبة من الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، وبالتالي نحن كمنتدى منفتحون على جميع الأشخاص طالما الحوار هو المنطلق".
ويقرأ مملوك حال المنتديات ونوادي القراءة في لبنان اليوم، مُعتبراً "أنّ فعل القراءة في المنتديات السائدة يُعاني من انسلاخ عن الهموم الاجتماعية والفكرية، فـ'منتدى صور الثقافي' في أوج نشاطه في التسعينيات كان يُنظّم حلقات قراءة لكُتب هيغل، ويبحث أعضاؤه في مفاهيم كالدياكتيك وغيرها، أما اليوم فتحوّلت القراءة من فعل وممارسة إلى هواية و'ترند'، حيث الشباب يهربون من القراءات الأيديولوجية والسياسية المُوجَّهة كونها تُحدِث انشقاقات وشروخاً. لكن بالعموم ما زال جيل الشباب على طَلاق مع الكتاب، وهذه ليست مشكلة مدينة صور، بل لبنان عامة. في العموم، انعكست أزمة التغيير والإصلاح الذي لا يجرؤ عليه أحد، على الواقع الثقافي في البلد، وهذا ما يجعلنا نواجه مشكلة في استقطاب الشباب".
ويستعيد مملوك في حديثه إلى "العربي الجديد" محطات فارقة في عُمر المنتدى، حيث "كان معقلاً لشباب ثورة 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 في مدينة صور، وفتح أبوابه لجميع المُعارضين، وفي هذا السياق استضفنا العديد من الأسماء مثل المؤرّخ فواز طرابلسي والمُغنّي أحمد قعبور والشاعر شوقي بزيع، كما فتح المنتدى أبوابه للكتل المُعارضة التي تقدّمت إلى الانتخابات عام 2022 ورحّب بهذه الأصوات وأتاح لها عرض برامجها، أما بخصوص 'طُوفان الأقصى' فالمنتدى مُلتزم منذ تأسيسه بالقضية الفلسطينية ولديه علاقات مع مختلف الفصائل الفلسطينية كحركتي فتح وحماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأي نشاط يتعلّق بفلسطين المنتدى يُرحّب به، وفي هذا السياق سنُنظم في أيلول/ سبتمبر الجاري نقاشاً حول رواية 'قناع بلون السماء'".
"نادي القرّاء - أنصار".. لا لغة غير المقاومة
أمّا علوية هاشم، فتوضّح لـ"العربي الجديد" قصّة "نادي القرّاء - أنصار"، الذي تأسّس عام 2017 في البلدة الجنوبية التابعة لقضاء النبطية، على يد قارئات وناشطات في المجتمع المدني، وهو نادٍ مُخصّص للنساء، وتتكوّن هيئته الإدارية من: زينب طحيني، ووفاء أخضر، ومي إسماعيل، وبولين منصور، وهلا هاشم، وعلوية هاشم، في حين يضمّ في عضويّته عشرين كاتبةً ومترجمة وقارئة، منهُنّ: ديانا فياض، وهُدى فحص، وسوسن بحمد، وعليا جفّال، وزينب مروة، وفاطمة السّاحلي، وكارمن حمادي.
وعن طبيعة الكتب التي يتناولها النادي، تقول علوية: "ليست هناك عناوين غير قابلة للبحث، نحن نُؤمن بالآخر مهما كانت أفكاره، ونؤمن بالحوار مهما اختلفت الرّؤية ولعلّه من أهمّ الأسباب لنشوء هذا النّادي هو تحسين قدرة الفرد على سماع الرأي المختلف وقبول وجهات نظر مغايرة والعيش مع الآخر. لكنّنا نقرأ بالمجمل الرواية وكلّ شيء خارج هذا النطاق في الوقت الحالي لسنا بصدد التركيز عليه".
مبادرات جماعية تكشف مدى غياب الدعم الرسمي
وتُضيف: "النيّة الأساسية في مُطالَعاتنا هي التطوّر الدّاخلي، بينما نمضي وقتاً مُمتعاً بصحبة الكِتاب لعلّنا نُقارب الحقيقة، ونعاين كنوز الحكمة، نوازن الإنسانية بأحزانها وبأفراحها لتجويد نوعية حياتنا. فعلى هذا المبدأ حتماً نحن نبحث عن الجودة وعن الجمال وعن الإلهام وعن الملَكة الناصعة والكفاءة الحقيقية التي تُضيف لنا وتصقلنا وبالتالي لن نخدع أنفسنا بالانجرار وراء الأضواء ونسقط في جُبّ 'الترند' ونحرق أوقاتنا من أجل الترويج المُضلّل. ومن أهداف النّادي أن يكون مرآة شفّافة للصّدق والأمانة التي توجب الاحترام قبل الظهور والإعلام".
كما تتطرّق هاشم في حديثها مع "العربي الجديد" إلى التحدّيات التي يواجهها النادي في ظل الظّروف الصّعبة، وخاصّة في الجنوب: "حيث الرّصاص يعلن كونشيرتو البقاء، وحيث الطّائرات تفرض رعبها فوق هضاب سلامنا، وحيثما رائحة الدّم تنادي أرواحنا: أن لا تقنطوا لكم الحياة، لا لغة غير المقاومة نفقهها فنُحارب إحساسنا بالعجز بهذه اللّقاءات التي تملؤها طاقة التّحدّي وقبضة الحياة، نحن مُنِحنا نعمةَ الكتاب لنستضيء بنوره، سنعتصم بِحَبل الكتاب ونُدافع عنه بكامل إرادتنا وسنبقى نُربّي العزيمة فينا فنارُ الثورة لن تخمد يوماً".
أما بالنسبة إلى الدّعم، فتقول علوية هاشم لـ"العربي الجديد": "نحن نُنفق على النادي من أموالنا الخاصّة، هناك اشتراك شهري يصرف على اللقاءات وتوابعها، كما أنّ بعض الكُتّاب يقدّمون الكُتب لنا مجّاناً بهدف مناقشتها. قد تكون إمكانياتنا محدودة لكنّنا سعيدات بهذا النّتاج، نحن لا نسعى لتلقّي أي مساعدة خارجية للنّادي، ولكن إذا اتّفق وآمن أحد بمشروعنا وأحبّ أن تكون له يدٌ بيضاء في هذا الكيان، بدون منّة ولا شرط، فلن نرفض أي نوع من الدّعم إن كان مادّياً أو معنوياً، الأمر الذي يُمكِّنُنا من تسريع وتيرة تطوير نشاطات النادي وإمكانية القيام بورش عمل ثقافية تتمحور حول الكتابة وبناء الإنسان بشكل أكبر".
"حوارات بيروت".. في أثر الشعر
تستحوذ الرواية على نصيب وافر من هموم القرّاء، كما يظهر من النماذج الآنفة، وهُنا يصبح السؤال واجباً: ماذا عن الشعر؟ وعن هذا يُجيب الشاعر حسن المقداد مُستعرضاً تجربته في "حوارات بيروت"، المبادرة التي انطلقت في شباط/ فبراير من العام الجاري، يقول لـ"العربي الجديد": "البداية جاءت من اقتراح الشاعر محمود وهبة أن نناقش كتاب 'نقد الألم'، مختارات شعرية صدرت لعباس بيضون، وكان الحدث في غزّة طاغياً على كلّ شيء، فرأيناها فرصة لحوار بيضون حتى نأخذ نظرته تجاه ما يحدث، ونحكي عن تجربته وأفكاره أكثر من الكتاب بحدّ ذاته".
ويتابع: "كلّ ما قمنا به في الجلسة الأولى أننا ثبّتنا الكاميرا وبثَثنا مباشراً عبر فيسبوك، بعد التواصل مع 'المكتبة العامة' التابعة لبلدية بيروت في مونو، التي استضافت الحوار الأول وتوقيع المختارات، وبعدها فكّرنا بجعل هذه الحوارات سلسلة شهرية، فاستضفنا تالياً الشاعر جودت فخر الدين في 'برزخ'، وواكبت 'دار النهضة' هذه اللقاءات، كما حاورنا الشاعر أنطوان أبي زيد والتشكيلي والشاعر سمير الصايغ، ثم حاور الشاعر محمد ناصر الدين الشاعرَ شوقي عبد الأمير، وحقيقة لولا الإقبال من الوسط الثقافي لما وُجدت الحوارات واستمرّت. تسألني كم هو مؤثّر؟ لا أعرف، ولكن هو هامش يُوحي بشيء".
ويُتابع المقداد حديثه إلى "العربي الجديد": "جيل بعد جيل تُثبت بيروت نفسها وتُواصل مهماتها، رُغم كلّ الظروف الصعبة التي تمر عليها التي تجعل الناس مشغولين بالموت والحروب أكثر من العمل الثقافي الهادئ الذي يُقام في أوقات الرخاء. وبالتالي نحن لا نقوم بمحاولة تذكير، بل بإيصال الضوء إلى المدينة التي ظلّت مساحة حُرّة جاذبة للناس الخارجين عن النمط. إنّها حوارات أفضل من الصمت والندب على الأطلال، من أجل أن نكون فاعلين على الأرض، بعيداً عن التفكير بالنتيجة المباشرة، بل بالأثر البعيد".
وعن سبب التوجّه للشعراء من أصحاب التجربة بعيداً عن الأصوات الجديدة، يقول المقداد: "باختصار، لديهم ما ليس عند غيرهم، وأقصد العلاقة الطويلة والمديدة مع الشعر. إنّ حركة الحداثة وما بعدها لطالما بدأت بتمرّد على الأجيال السابقة، ولكننا أردنا لهذه الاستعادات أن تكون حواراً بعيداً عن العِداء المتوارث، خاصة أني لستُ ثائراً شعرياً على الجيل الذي قبلي". وختم: "لا يُمكن فصل شيء عن الآخر، الوضع الاقتصادي والعدمية والحرب، كلّ هذا ينعكس على النفسية العامة للناس".
"يلّا نقرأ".. بحثاً عن فضاءات القراءة في صيدا
من جهتها، تتحدّث كلٌّ من رشا علي ودلال الصديق إلى "العربي الجديد" عن تجربتهما في تنسيق مجموعة "يلّا نقرأ"، التي تأسّست عام 2019 في مدينة صيدا، حيث تبيّنا "أنّ الفكرة جاءت من أهمية وجود مساحة للأفراد لمناقشة أفكارهم وكتبهم وقراءاتهم، ويضمّ النادي قرابة ستين قارئاً وقارئة من لبنان وسورية ومصر، وهو بإدارة 'جمعية أبناء صيدا'، ويُعقَد مرّة شهريّاً إمّا عن بُعد عبر منصة 'زووم'، أو وجاهياً بناءً على اتفاق أعضائه المحليّين".
وتُضيف رشا علي: "لا توجد كتب لا تعنينا، فالهدف من النادي هو تشجيع الناس على القراءة واكتسابها كعادة حياتية تنهض بفكرهم وروحهم، لكنّنا وجدنا أنّ كتب التنمية البشرية تحظى باهتمام أقلّ من غيرها من قبل أعضاء المجموعة، وحقيقة نحن لا نلاحق 'الترند' ولا نناقش كتباً سطحية تخلو من قضية أو قيمة جوهريّة، إذ غالباً ما يتم ترشيح كتاب ذي قيمة مضافة للأفراد، ويناقش قضية حياتية، ولذلك نسعى إلى التنويع في اختياراتنا. ربما 'الترند' الوحيد، إن جاز التعبير، الذي تابعناه هو رواية 'قناع بلون السّماء' للروائي الفلسطيني الأسير باسم خندقجي، إذ ارتأينا كمؤسسين أنّه من الضروري اقتراحه ومناقشته كونه شغل اهتماماً كبيراً، إضافة إلى الفضول الذي دفعنا لمعرفة معايير اختياره للفوز بجائزة البوكر".
في حين تستطرد دلال الصديق: "للأسف، فضاءات القراءة في صيدا قليلة جداً، بل نادرة، وهذا ما دفعنا إلى تأسّيس النادي الذي لا يعود علينا بأيّ منفعة مادّية، إنّما هو فكرة نسعى إلى تعزيزها وربطها بحياتنا اليومية، وتعقد اللقاءات افتراضياً عبر الإنترنت، أو في أحد مقاهي المدينة".
وتُدافع مُنسِّقتا المجموعة في حديثهما إلى "العربي الجديد"، عن أهمّية التسلية وحضورها في القراءة: "في نظرنا لا مانع من أن تكون أنشطتنا للتسلية، فالذي يقرأ اليوم ليتسلّى سيقرأ غداً ليُغّير وستُصبح القراءة عادةً مُهمّة في حياته، ثم إنّنا في المناقشة نستمع للآراء كافّة، ومن تلك الآراء ما يختلف عن رأينا، ولكن ذلك لا يفسد للودّ قضية، بل يُغني النقاش ويَفتح الأفق لتبنّي وجهات نظر جديدة ومختلفة".
"اللقاء الثقافي" في بعلبك.. تغطية التكاليف بالأنشطة التدريبية
وبالانتقال إلى مدينة بعلبك، نقف على حكاية "اللقاء الثقافي" الذي تأسّس عام 2020، ويشهد نشاطاً متواصلاً منذ أربع سنوات إلى جانب عدّة مبادرات داخل المدينة التي تقع شرقي البلاد، والتي يرى فيها أحمد شيبان، وهو أحد أعضاء اللقاء، أنها لا تقلّ أهمية عمّا يجري في بيروت.
ويستعرض شيبان في حديثه لـ"العربي الجديد" قصة تأسيس اللقاء: "تنادينا عام 2020 كمجموعة قُرّاء من خلفيّات متعدّدة، واتّفقنا أن يقوم كلّ شخص منّا بالحديث عمّا قرأه، ووسّعنا الاجتماعات لتشمل أشخاصاً لم يقرأوا كُتباً بعينها. ولاحقاً توسّع نشاطنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والناس في المدينة، وبدأنا بعقد اللقاءت في بيوتنا والأماكن العامة، قبل أن نشرع بتنظيم دورات بالتعاون مع 'منظّمة أوكسفام' (اتحاد دولي يضمّ 15 منظمة مستقلة تعمل في مجال محاربة الفقر والفوارق الاجتماعية عبر العالم)، مقابل دعم، حتى تمكّنا من إعادة تأهيل مكان مُخصّص، حتى يشمل الدورات التدريبية المدفوعة واللقاءات الثقافية المجّانية معاً، وهذا ما سمح أن يكون لدينا مركز. كما أجرينا بعض اللقاءات في الأماكن الأثرية التي تشتهر بها المدينة".
ويُتابع: "تشهد الأمسيات الشعرية حضوراً كبيراً فوق الخمسين أو الستّين شخصاً، وفي هذه الحالة نلجأ إلى المقاهي الثقافية مثل 'بالبعلبكي'، حيث ننظّم فيه قراءات شعرية وحوارات، و'سول بيسترو'، وقبل ذلك كنّا ننتظم في 'مكتبة أحمد أبو غزالة'، وتتوزّع النشاطات التي نعقدها بين الفنون والمسرح والرسم والموسيقى والنحت ومناقشة الأفلام، بشكل تشاركي وليس كمحاضرات مُضجِرة، باستثناء المحاضرات الاختصاصية مثل علم النفس، لأنها مسألة دقيقة وحساسة وتحتاج مختصّين".
ولا تقتصر تجربة "اللقاء الثقافي" في بعلبك على اللقاءات، وفقاً لأحمد شيبان، "بل سبق وأسّسنا موقعاً إلكترونياً بعنوان بعلبك.كوم، للأجيال الجديدة، والأصوات الشابّة، والشعراء الذين يشاركون في أمسيات للمرة الأولى، ومؤخّراً يتركّز نشاطنا على القضية الفلسطينية سواء كقراءات كتب أو أفلام وغيرها، ونبتعد عن المواضيع المذهبية والسياسية".
ويوضّح: "الأزمة المالية والوضع الاقتصادي المتردّي من أبرز التحدّيات التي نواجهها، ولكنّنا متصالحون مع العديد من ضائقات الحياة وصعوباتها، فالإنسان بحاجة ضرورية للثقافة ولو لساعتين في الأسبوع". وبخصوص الدعم يستطرد: "قدّمنا على منحة دعم لمدّة ستة أشهر وكانت بالمعدّات فقط، وليس بالأموال، عن طريق 'أوكسفام'، وكانت الجهة الوحيدة بعد تأسيس المركز، والتغطية المالية تأتي من الدورات التدريبية والمهنية. كذلك تلقّينا بعض الكتب من خلال التبرّعات والإعارات، وأسّسنا مكتبة لبيع الكتب بالتعاون مع إحدى المكتبات في بيروت، ومكتبة أُخرى في زحلة".
"بوكهوليكس".. أمام ثقافة جديدة
تأسّس "نادي بوكهوليكس" ثنائي اللغة عام 2012، ويراوح عدد الأعضاء الملتزمين فيه، وفقاً لهدى مرمر، ما بين ستة وعشرة أشخاص، وخلال هذه السنوات تغيّر العديد من الأعضاء خاصة مع سفر البعض منهم، لكنّ النادي ظلّ يعوّض ذلك بانضمام أعضاء جدُد دوريّاً إليه، كما حافظ على عقد جلسات مناقشة الكتب كلّ ثلاثة أسابيع تقريباً.
وتتابع هدى حديثها إلى "العربي الجديد": "أغلب قراءاتنا من الروايات المعاصرة العربية والعالمية، مع ميل للمحتوى الأدبيّ التخييلي المعاصر، وحول آلية ترشيح الكتب تقول: "أُتابع أخبار دُور النشر على صفحات التواصل وموقع 'غودريدز' وفي الصحف الأدبية، ثمّ أرشّح بعض العناوين وكذلك يُرشّح الأعضاء بعض العناوين، ثمّ يتمّ التصويت أو الاتّفاق عليها، وفي هذا كلّه نحاول قدر المستطاع الإضاءة على كتب غير معروفة وخارج التريندات المستهلكة، وتجنّب الكتب الأكثر مبيعاً وكتب الجوائز فهي لا تحتاج الإضاءة عليها وليست بالضرورة عالية المستوى. من الكتب التي اخترناها مؤخّراً، وهي ليست في الواجهة، رواية الكاتبة المكسيكية فاليريا لويزلّي 'أرشيف الأطفال المفقودين'".
وتُضيف: "مدينة المقاهي باتت تستوعب نشاطاتنا أكثر ممّا كانت في السابق. أوّل مناقشاتنا عُومِلنا كحالة غريبة، ومع أنّ الوضع تحسّن، ليس من السهل دوماً إيجاد مكان مُناسب يستوعب صخبنا. ولو سألتني عن أبرز محطّاتنا، لأجبت: لقاؤنا مع الأديبة اللبنانية الراحلة إملي نصرالله في منزلها".
وكغيره من نوادي القراءة في لبنان لا يتلقّى "بوكهوليكس"، الذي بلغ عدد الكتب التي أُنجزت قراءتها فيه خلال 12 عاماً أكثر من 207 كتب، أيّ دعم، تقول هدى مرمر لـ"العربي الجديد": "لا أعتقد أنّ ثقافة نوادي القراءة متطوّرة أو مفهومة أو حتّى مهمّة بنظر المجتمع العربي. كما أنّني لا أرى أنّ نشاطاتنا تُقيَّم سلبياً أو إيجابياً، أو ربما لا تصلنا هذه الأصداء. نحن بالفعل منشغلون دائماً بنشاطاتنا وأنشأنا هذا العام فرعاً للمناقشات أونلاين لمواكبة الأعضاء خارج لبنان، كما ننشط على مواقع التواصل ونحاول الحضور أكثر. الهمّ هو الكتاب. مَن يُحبّ لقاءاتنا يواكبنا، ومَن لا يتحمّس لا يُتابعنا. من جهة أُخرى، نحن لا نسعى للالتقاء بكُتّاب معيّنين. العمل الجيّد هو الذي قد يُحمّسنا للقاء الكاتب. لدينا بالطّبع كُتّاب مفضّلون كثرٌ، مثل الياباني يوكو أوغاوا والأيرلندية كلير كيغن والكويتي سعود السنعوسي وغيرهم، لكنّ لقاءهم ليس حلماً أكبر من مواكبة جديدهم. الكِتاب همُّنا أولاً وأخيراً".
"نادي الكتاب اللبناني".. داخل البلاد وخارجها
بدورها، تتحدّث رحاب هاني عن تجربة "نادي الكتاب اللبناني"، الذي تأسّس عام 2019 على يد الباحثة سلام سليم سعد، وتقول لـ"العربي الجديد": "منذ تأسيسه، تجاوز عدد اللقاءات التي عقدها النادي مئة وخمسين لقاءً، بالإضافة إلى عشرات الفعاليات الرديفة وأُمسيات التكريم، كما يقوم النادي باختيار شخصية العام الثقافية، حيث تتم إضاءة مسيرة مثقّف وتناول سيرته وأعماله في بداية كلّ لقاء. فمثلاً كانت الروائية الراحلة إميلي نصر الله شخصية العام الماضي، بينما يشغلها للعام الجاري الروائي أمين معلوف".
وتوضّح رحاب في حديثها إلى "العربي الجديد": "أنّ النادي يعقد فعاليتين ثابتتين بانتظام: مناقشة كتاب الشهر، وفعالية فكرية حول مجموعة كتب منوّعة. بالإضافة إلى ذلك، ينظّم النادي فعاليات أسبوعية، مثل ورش الكتابة الإبداعية والتدريب الصوتي، وفعاليات دورية تشمل استضافة الأدباء والمثقفين والكتّاب والمُبدعين".
وتُضيف مسؤولة تحرير مواقع التواصل الإجتماعي في النادي: "نختار الكتب بعناية، حيث يتم التركيز على الكُتب الحائزة على الجوائز العالمية والعربية، أو الكتب التي تنشرها دور نشر ذات أسماء عريقة في عالم الأدب. نسعى كذلك إلى تقديم محتوى أدبي رفيع المستوى ونتجنّب الكتب المطبوعة على حساب الكاتب (self-published)، لضمان جودة الموادّ التي نُناقشها وتقديم تجربة غنيّة للأعضاء. كما نلتزم بتحديد مسار الأمسيات وفق جدولة المواعيد على مرحلتين. أولاً، يتم تحديد كتب العام من خلال عملية ترشيح وتقييم شاملة. ثانياً، تتمّ جدولة الاجتماعات والكتب والفعاليات بناءً على خطّة سنوية مدروسة. ولهذه المهامّ، تُشكَّل لجان مختصّة تجتمع بانتظام لمناقشة الكتب المرشحة والتصويت عليها، واختيار العناوين المناسبة. بالإضافة إلى ذلك، لكلّ فعالية مسؤول مختصّ يتولّى مهامّ التنسيق والمتابعة، وهو ما يضمن تنظيم الفعاليات بشكل سلس وفعّال. ونحن منفتحون على كافة المواضيع، ولكننا نركّز بشكل أساسي على الكتب الأدبية. هذا التوجّه يُساعدنا في توفير بيئة نقاشية مفتوحة وآمنة تحترم جميع الأعضاء واهتماماتهم".
وتتابع: "نعقد اجتماعات 'نادي الكتاب اللبناني' في مجموعة متنوعة من الأماكن الثقافية، سواء داخل المدينة أو خارجها، بحسب فروع النادي المنتشرة في أكثر من مدينة وبلد، كما لدينا فروع في الشوف والبقاع الغربي بلبنان، وفرع في دبي بالإمارات العربية المتحدة. وتشمل أماكن الاجتماعات المكتبات العامة، والمقاهي المخصّصة للمطالعة، وغيرها من الفضاءات الثقافية، بالإضافة إلى ذلك، تتشارك كلّ الفروع في حضور لقاءات شهرية عبر منصّة زووم، ما يُعزّز التواصل والتفاعل بين الأعضاء من مختلف الأماكن".
وحول التحدّيات التي يواجهها النادي، تُضيف: "نواجه في 'نادي الكتاب اللبناني' عدّة تحدّيات وصعوبات، فبعض الفروع قد تضطر للتوقّف عن عقد اللقاءات بسبب الظروف السياسية الخاصة بالمنطقة، كذلك الدعم المالي يُشكّل تحدياً كبيراً، من حيث توفير التمويل اللازم لتنظيم الفعاليات والأنشطة المختلفة. نحن لم نتلقّ دعماً ثابتاً من جهة أو مؤسسة معينة، ولكنّنا تلقّينا كتباً لتوزيعها على الأعضاء من عدّة كُتّاب. تساهم هذه المبادرات الشخصية من المؤلّفين في دعم نشاطاتنا وتعزيز تجربة الأعضاء في النادي. نأمل في المستقبل أن نبني شراكات أقوى مع مؤسسات ثقافية وتعليمية لدعم أنشطتنا بشكل مستدام".
"برزخ" و"السبيل".. ما يُمكن تقديمه للقارئ
من جهته، أشار خضر الأخضر، مدير فضاء ومكتبة "برزخ"، الواقع في شارع الحمرا ببيروت، إلى "أنّ حركة نوادي الكتاب ما زالت محدودة في المدينة، وهي إلى حدّ ما وبالشكل الذي نراه تبقى ظاهرة جديدة"، لافتاً إلى "أنّ برزخ يحتضن ناديَين للكتاب بشكل شهري، وهذا النشاط يشكل جذباً لروّاد الفضاء للاطلاع أكثر فتتوسّع المجموعة، فضلاً عن أنّ نشاطات استضافة الكُتّاب من خارج لبنان أعطت حافزاً كبيراً للمشاركة، ونحن كفضاء نتعامل مع مجموعات القرّاء بمرونة وحرّية مطلقة دون أي تدخّل، كما نُقدّم لهم المعدّات وأيضاً الكتب إذا تطلّب الأمر، فمكتبتنا تضمّ أكثر من 15 ألف كتاب، وبشكل مجّاني لتجاوز ما فرضته الأزمة الاقتصادية".
وختمت سوزان الأمين، مُنسّقة "نادي كتاب السبيل"، الذي تأسّس عام 2018، بالإشارة إلى أن النادي له ثلاثة فروع بالعربية والفرنسية والإنكليزية، وهو جزء من نشاطات "جمعية السبيل" في المكتبات العامة لبلدية بيروت التي تديرها الجمعية، وبالتالي يتلقّى النادي دعماً من الجمعية بطبيعة الحال، ويخضع عمله للتقييم بشكل دائم، و"نشاطاتنا شهرية تجمع القراءة والنقد والتسلية من خلال لقاءات الأعضاء والتعرّف إلى طريقة تفكير مختلفة عن طريقتنا، لكننا في الوقت نفسه نحاول تجنّب مناقشة كتب عن السياسة أو العلوم أو الدين، حيث الأولوية دائماً للكتب الأدبية والروايات".