استمع إلى الملخص
- تم تكريم الإبداعات المسرحية بجوائز متعددة، حيث فازت مسرحية "بين قلبين" بجائزة أفضل عمل، وحصل فيصل رشيد وأسرار محمد على جوائز أفضل ممثل وممثلة، بالإضافة إلى تكريمات في الإخراج، التأليف، الألحان، والمؤثرات الصوتية.
- على الرغم من النجاح، تم التأكيد على استمرار تحديات مثل مشكلة النصوص في المسرح القطري، مشيرةً إلى الحاجة لمزيد من الدعم والتطوير، مع التأكيد على دور المسرح في إثراء الثقافة وتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والإنسانية.
اختتمت مساء الثلاثاء، الدورة السادسة والثلاثون من "مهرجان الدوحة المسرحي" الذي بدأ في 25 أيار/ مايو الماضي في العاصمة القطرية، وقُدّمت فيه عشرة أعمال مسرحية منها ثلاثة للفرق الأهلية، والمؤسسات الخاصة، مع العديد من الندوات التطبيقية على مسرح "يوفنيو" الذي يستقبل المهرجان لأوّل مرة.
وكانت لجنة التحكيم التي ترأسها الكاتب أحمد عبد الملك، قد أنهت مداولاتها لاختيار الأعمال الفائزة، وضمّت في عضويتها الفنانين: جواد الشكرجي من العراق، وفهد العبد المحسن من الكويت، وعبد الله الملك من البحرين، وزايد هزاع من قطر. وبعد عرض حفل الختام بعنوان "محطات مسرحية" عن تاريخ المسرح القطري من أشعار يوسف الحميد وإخراج وألحان محمد الملا، اختيرت مسرحية "بين قلبين" لتفوز بجائزة أفضل عمل مسرحي، ونال مخرجها محمد الملا جائزة أفضل مخرج، وأفضل تأليف لطالب الدوس.
وفاز بدور أفضل ممثّل دور أول فيصل رشيد، عن مسرحية "روح المرحومة"، وعن المسرحية ذاتها فازت أسرار محمد بجائزة أفضل ممثلة دور أول، وأفضل ممثل دور ثانٍ لمحمد الصايغ عن مسرحية "ساعة زمن"، وأفضل ممثلة دور ثانٍ لهبة لطفي عن مسرحية "حب في سنّ الثمانين"، وأفضل ممثل واعد لمحمد مطاوعة عن مسرحية "بين قلبين"، وأفضل ممثلة واعدة لمريم عاطف عن مسرحية "الخرابة".
لا تزال مشكلة النصوص من أبرز تحديّات المسرح القطري
أما أفضل ألحان ومؤثرات صوتية، ففاز بها محمد الملا وإياد سلسع عن مسرحية "بين قلبين"، وأفضل كلمات لفيصل التميمي عن مسرحية "مزيون وظبية". وذهبت جائزة أفضل إضاءة لناصر عبد الرضا عن مسرحية "روح المرحومة"، وفاز عبد الرضا عن ذات المسرحية بجائزة أفضل ديكور. وأفضل أزياء وإكسسوارات خارجية كانت من نصيب لولوة.
وقال عبد الرحيم الصديقي، رئيس اللجنة المنظّمة للمهرجان لـ"العربي الجديد" إن الدورة جمَعت أبرز الكتّاب والفنانين المخضرمين والشباب بحضور ضيوف عرب كانت لهم إسهامات مهمة ومفيدة. ولفت إلى أن عودة الجوائز التي ستكلّل جهود المسرحيين، حدّدت مستحقّيها لجنةٌ من الخبراء الأكاديميين والمختصين القطريين والعرب.
ووفق ما قاله الناقد المسرحي حسن رشيد لـ"العربي الجديد"، إن المهرجان استعادة أنفاس، باعتبار أن إقامة مهرجان أفضل من لا شيء، على حد قوله، مبيّناً أن "الساحة المحلية تغيب عنها المواسم المسرحية والمشاركات الخارجية، والفرقة الرسمية، الثلاث ’خاوية على عروشها‘، والحراك المسرحي لا يستقيم من دون عودة ’المركز الشبابي‘ الذي ينتج مسرحيين في دورة حياة متكاملة".
جمعت الدورة الحالية أبرز الكتّاب والفنانين المخضرمين والشباب
وختم رشيد الذي كرّمه المهرجان بعد فوزه بـ"جائزة الدولة التشجيعية" في مجال الإبداع المسرحي، بأن مشكلة النصوص ما زالت على ما هي. وفي الأثناء، أشاد بإعداد وتمثيل وإخراج مسرحية "روح المرحومة" عن نصّ مسرحي سوفييتي.
وكانت مسرحية "روشتة" قد دشّنت أيام المهرجان، وهي من تأليف تميم البورشيد وإخراج فيصل العذبة، وتندرج ضمن ما يعرف بـ"مسرح القسوة"، ومن أبرز أعلامه المخرج المسرحي الفرنسي انطونين أرتو الذي كان يؤمن بأن الحرية تأتي من الخلاص الروحي.
وتلتها مسرحية "كوكب القروض" من تأليف طالب الدوس وإخراج فالح فايز، وعاينت قضية اجتماعية وهي الإذعان للاستهلاك غير الضروري من قبيل الرفاهية السطحية والتقليد، ولتحقيق ذلك يتم الاعتماد على القروض، ما يترك أثراً سلبياً على الحياة الاجتماعية. وتناولت مسرحية "ساعة زمن" من تأليف وإخراج حنان صادق، حكاية كبار السن الذين يتعرّضون للتهميش والازدراء من عوائلهم، وتجمعهم الأقدار في مركز لرعاية كبار السن، وهو المكان الذي تدور فيه الأحداث في إطار تراجيدي تتخلّله بعض المواقف الكوميدية.
أما "قصة حب في الثمانين" وهي من تأليف وإخراج حمد الرميحي، فدارت حول ذوات إنسانية تعيش في صراع مع واقعها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي ترفضه، ولكنها لا تقوى على تغييره. وقدّم فريق العمل رسالة دعم من المسرحيين القطريين للقضية الفلسطينية ورفض العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزّة من خلال وقفة في بداية المسرحية.
وجاءت مسرحية "حفرة وبس" من تأليف وإخراج أحمد المفتاح لتطرح مجموعة من المشاكل والقضايا الاجتماعية بطريقة كوميدية، ودارت حول ظهور حفرة فجأة أمام أحد المحلات التجارية، في سوق شعبية، لتنطلق حولها العديد من المواقف والمفارقات، بعد أن أصبحت عائقاً أمام مصالح التجار وتجارتهم.
مسرحية "الخرابة" من تأليف خليفة السيد وإخراج سالم المنصوري، جاءت أحداثها التي غلبت عليها الكوميديا من خلال عائلة تملك منزلاً مهجوراً من فترة بعيدة، حيث يزعم بعض الأشخاص أن هذا المنزل مسكون من الجان ويريد بعض من أفراد هذه العائلة بيعه، والاستفادة من ماله، الأمر الذي يحدث انقساماً بين مؤيد ومعارض لبيع هذه الخرابة.
المسرحية الوحيدة المستلهمة من نصّ أجنبي "روح المرحومة"، وهي في الأصل بعنوان "روح إليانورا" للكاتب السوفييتي أناتولي لوناتشارسكي (1875 ـ 1933) أعدّها فيصل رشيد وأخرجها ناصر عبد الرضا، وسلّطت الضوء على الدجل والشعوذة، جامعةً بين الواقع والفنتازيا عبر شخص يبيع الوهم للناس.
وذهبت مسرحية "سكة بن عاصي" من تأليف وإخراج سعد البورشيد، إلى معلَم من تراث مدينة الوكرة جنوبيّ قطر، وهو سكة بن عاصي الشهيرة، حيث دخلت المسرحية إلى تاريخ المدينة وأحد الفرجان (الأحياء) القديمة فيها. بدأ العرض الذي قدّم شاشة رقمية لسكة بن عاصي الحقيقية بديكور بسيط يوضّح الفريج، وهذه السكة وشخوصها الثلاثة كفيفون يدافعون عن استمرار تسمية السكة باسم بن عاصي.
وعن نص حمد الرميحي وإعداد وإخراج علي حسن، عادت مسرحية "مزيون وظبية" إلى تاريخ مبكّر من القرن العشرين وفي زمن الغوص على اللؤلؤ معالجاً العنصرية والتفرقة الطبقية في نموذجي النهام مزيون وظبية ابنة النوخذة. و"بين قلبين" من تأليف طالب الدوس وإخراج محمد يوسف الملا. كانت عن صراع القلوب وكيفية النظر إلى السلام، وبحسب الكاتب الدوس، فإن هذا التصوّر العام للمسرحية يسأل: هل يمكن لدورة الصراعات أن تفضي إلى سلام في العالمين العربي والإسلامي؟
يذكر أن وزارة الثقافة احتفت في إطار المهرجان بكتابين جديدين من إصداراتها، يحمل الكتاب الأول عنوان "صاحب الـ 1000 وجه"، الذي يوثّق سيرة الفنان علي حسن (1952)، أحد أبرز روّاد الحركة المسرحية والدرامية في قطر ومؤسسي فرقة "المسرح القطري". أما الكتاب الثاني بعنوان "ذاكرة الفن القطري"، فوثّق تجربة الفنانة هدية سعيد (1950) التي تعدّ من أولى الفنانات القطريات اللاتي دخلن مجال الفن في السبعينيات، وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، بادئة من فرقة "الأضواء المسرحية".