مع غزّة: ليلى عبد الله

25 اغسطس 2024
ليلى عبد الله
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزّة وكيف أثّر على إنتاجه وحياته اليومية، وبعض ما يودّ مشاركته مع القرّاء. "الكتابة مسؤولية إنسانية بالدرجة الأولى وممارسة نضالية" تقول الكاتبة العُمانية لـ"العربي الجديد".


■ ما الهاجس الذي يشغلكِ هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟ 

الشعور بالمرارة والذهول كيف يمكن أن يمضي العالم حياته في ظل الإبادة على أهلنا في غزّة. 


■ كيف أثّر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية؟ 

شعرتُ لفترة بعجز كبير أمام القيام حتى بمهامي اليومية. كنت أشاهد ما يجري في غزّة طوال الوقت. توقفت رغبتي في الكتابة على مشاريعي الشخصية. كما عجزت عن قراءة كل ما لا يمت صلة بغزّة. وحين استعدتُ قليلاً من وعيي صرت منكبة على قراءة معظم الكتب التي تناولت حالة غزّة وظروف فلسطين التاريخية. كنتُ أقرأ كتباً عديدة في الوقت نفسه لمحاولة فهم ما يجري ولأكون عضوة فاعلة لتعريف العالم بما يجري عبر حقائق تاريخية لا مجرّد كلام عاطفي. سجّلت الكثير من الملحوظات. سرعان ما جمعتها في مقالة ونشرتها بعنوان "صناعة الهولوكوست في الشرق الأوسط".   
السابع من أكتوبر غيّرنا جميعاً. جعلني حذرة وأكثر وعياً. صرتُ أحصي وأعاين ما اشتريه من سلع، وأقاطع سلع الدول التي خذلت غزّة وأهلها، وتلك التي دعمت الصهاينة. تعلّمت التخلّي عما أحبّه وما أعدته. الأمر لم يكن صعبا، بإمكاننا أن نستغني، أن نسجل موقفاً بسيطاً، عبر المقاطعة وعبر الكتابة وعبر المساندة والتعاطف أيضاً.  


■ إلى أي درجة تشعرين أن العمل الإبداعي ممكنٌ وفعّال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم؟ 

هذا السؤال يذكرني بمقولة في مقطع من مقالة معنّونة بـ "نحو فن بروليتاري" لـ مايد غولد كتبها عام 1929، في صحيفته الراديكالية "الجماهير الجديدة"، قال فيه وقتئذ: "لم يعدّ الفن أمرًا نخبويًّا متعجرفًا أو جبانًا، فهو يعلّم الفلاحين كيف يستخدمون الجرارات، ويمنح الأناشيد للمقاتلين الشباب، ويصمم القماش الذي ترتديه العاملات في المصانع، ويكتب المسرحيات الهزلية لمسرح المصنع، وله فوق ذلك مائة مهمة أُخرى، الفن المفيد مثله مثل الخبز".  


■ لو قيّض لكِ البدء من جديد، هل ستختارين المجال الإبداعي أو مجالاً آخر، كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني؟ 

اعتقد أن المجال الإبداعي يشمل كل ذلك، فالكتابة هي مسؤولية وهي ممارسة إنسانية بالدرجة الأولى ونضالية، كما أنها تعبّر عن سياسات المجتمع.  

الكتابة مسؤولية إنسانية بالدرجة الأولى وممارسة نضالية


■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟
 
يطمح المرء إلى تغيير نفسه قبل أيّ شيء آخر.  


■ شخصية إبداعية مقاوِمة من الماضي تودين لقاءها، وماذا ستقولين لها؟ 

شخصية المناضل والبطل الليبي عمر المختار. لا أدري ماذا يمكن أن أقول له. ربما أودّ رؤيته فحسب.  


■ كلمة تقولينها للناس في غزّة؟ 

ماذا يمكن أن نقول لغزة التي تموت كل يوم. دعني أستعير كلمات محمود درويش في نصّه لها "غزّة كل يوم":  
"غزّة تواصل انفجارها، لنقول لها شكرًا! 
وغزّة لا تواصل انقضاضها اليومي على الموت، لكي نكتب عنها قصيدة.  
وغزّة لا تجد متّسعاً من الوقت، لكي تقرأ تحياتنا. 
ولا بريد إلى غزّة، لأنها محاصرة بالأمل والأعداء.  
ورغم ذلك، نقف، وكل يوم، لكي نصلي لاسمها النادر بين الأسماء". 


■ كلمة تقولينها للإنسان العربي في كلّ مكان؟ 

تحلّوا بالأمل. 


■ حين سئلت الطفلة الجريحة دارين البيّاع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان، ماذا تريدين من العالم، أجابت "رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي".. ماذا تقولين لدارين ولأطفال فلسطين؟ 

كم أنت شجاعة يا عزيزتي دارين! بهذه الشجاعة ستتوقّد طرقك في الحياة. أنتِ قويّة، أقوى بكثير من هذا العالم الهشّ.. ستعشين طويلاً وبقوة يقينك بالنجاة وبها أيضاً سترفعين علم فلسطين عاليا ًعالياً رغم أنف العدوان الغاشم.  


بطاقة

ليلى عبد الله، أو كما عُرفت سابقًا باسم ليلى البلوشي، كاتبة عمانية مقيمة في دولة الإمارات، كتبت في عدد من الصحف والمجلات العربية. لها عدد من الكتب في مجالات أدبية مختلفة، منها "رسائل حب مفترضة بين هنري ميللر وأناييس نن" (2014، دار الإنتشار العربي)، و"هواجس غرفة العالم" (2014، المؤسسة العربية للدراسات والنشر)، و"أريكة وكتاب وكوب من القهوة" (2018، مداد للنشر والتوزيع)، و"أدب الطفل في دولة الإمارات" (2008) و"تحليقات طفولية في مجال الكتابة الإبداعية" (2011) وكلاهما صدر عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، ومجموعتان قصصيتان "كائناتي السردية" (2016، دار نينوى)، و"فهرس الملوك" (2023، دار مرايا)، ورواية "دفاتر فارهو" (2018، دار المتوسط). 

مع غزة
التحديثات الحية
المساهمون