معجم اللهجة الحورانية: الكلمات وشجرة نسبها

13 أكتوبر 2020
متحف دار السراي في إربد، كبرى مدن حوران، يعود بناؤه إلى عام 1881
+ الخط -

تتعدّد الدراسات حول اللهجات العربية المحكية، حيث تتراجع الفرضيات التي ترى فيها انحرافاً عن اللغة المعيارية (الفصحى)، مع أن المقارنات بينهما ليست وليدة العصر الحالي، إذ رأى بعضهم أن لغة عصرنا مغايرة للغة مضر وحمير في فوارق عدّة، كما فاضل آخرون بين لغات أهل الحضر والأمصار، وهو قولٌ يشير إلى تطوّر كليهما، وتأثر كلّ منهما بالأخرى، وأن تشابهمها لا يعني تطابقهما بالضرورة. 

"معجم اللغة الحورانية"، عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحث الأردني أحمد شريف الزعبي عن "دار يافا العلمية" و"وزارة الثقافة"، ويحتوي على نحو عشرة آلاف مفردة، في سعي لإثبات أن اللهجة الأردنية بشكل عام والحورانية بشكلٍ خاص، تعود إلى اللغة العربية الفصحى وتفرعاتها بتعدد القبائل العربية، مع المؤثرات المتنوعة من لغات أخرى.

يشير المؤلّف في المقدمة إلى تأثر لهجة الجغرافيا الممتدّة من نهر الزرقاء، وسط الأردن، إلى ريف دمشق شمالاً، بلهجة أهل نجد عبر إسناد الفعل إلى نون النسوة، مثل قمن ورحن وعقن، ولفظ حرف القاف كما G بالإنكليزية، وبلهجة همدان من خلال تشديد حرف الواو والياء في "هوّ" و"هيّ"، بينما تنسب الكشكشة (وهي قلب الكاف لتصبح تش) إلى لهجة تميم وربيعة وأسد، والاستنطاء (إبدال العين بالنون)، وهي لهجة سعد بن بكر وهذيل والأزد وقيس والأنصار.

يشير إلى أن الكثير من مفردات اللهجة الحورانية قد اختفت

ويوضّح الزعبي أن مادة المعجم قد جمعها من خلال نشأته في منطقة حوران ومشاركته في معظم الأعمال، والزراعة منها خاصة، إلى جانب جولاته الميدانية وإجرائه المقابلات الشخصية للحصول على المفردات والعبارات والكنايات، مشيراً إلى أن الكثير منها كان قد اختفى، وكما عمل على تدقيقها في لغات أخرى كالتركية والسريانية والفارسية، مع الإشارة إلى عدم رجوعه إلى مصادر أو قواميس متخصّصة في هذه اللغات، باستثناء الدراسات السابقة في الموضوع نفسه.

تظلّ أهمية الكتاب في حصر كلّ هذه المفردات وشرح معانيها بالدرجة الأولى، والتي يمكن البناء عليها من قبل متخصّصين في اللغويات لدراسة معمّقة حول الاقتراض في اللهجة الحورانية من عدّة لغات، دون إغفال أن الباحث لفت إلى كيفية الاستعارة بأكثر من مثال، حيث إضافة الشين إلى الأفعال لنفيها كما في الأرامية والسريانية، أو التقاء الجيم والصاد في مفردة خلافاً للعربية بتأثير من الفارسية، وكذلك الجيم والقاف تأثراً بالتركية، وهو بذلك لا يتعامل مع اللهجة بوصفها امتداداً أو تفرّعاً للغة العربية المعيارية، بل أن لها حياتها الخاصة ومنطق تطوّر مستقل.

معجم اللهجة الحورانية

يضمّ الكتاب العديد من التراكيب والمصطلحات، بالإضافة إلى الكلمات المفردة، مشكلاً جميع أحرفها مع شروحات وافية لها، مثل "إبْطَنبور عزّه"، كناية عن الشخص الذي وصل إلى قمة مجده، و"أخو فلاتة"، وهو تعبير يقال للشخص غير المنضبط أخلاقياً، و"شق اللفت"، وهي عبارة تعتمدُ دلالة على البياض الناصع، و"طاق اللصمة"، أي أخفى وجهه، في إشارة إلى الغضب، و"طبّه هوجاس"، التي تقال للدلالة على الهموم الكبيرة والمقلقة وتوقّع الأسوأ من الأمور، و"طلع باللوح"، في دلالة على تجاوز المرء لحدّه.

ضمن هذا الإصدار، وضع الزعبي عدّة ملاحق، كان أحدها مخصّصاً للكلمات السريانية، ومنها "أني" بمعنى أنا، و"بحش" بمعنى بحث، و"برزا" بمعنى برج، وثانٍ للكلمات التركية، مثل "بيطار" والتي تعني حدّا للخيل، و"نوبتشي" ومعناها حارس، و"تمرجي" وتعني ممرّض، وثالث لحروف المنادة باللهجة الجورانية، كـ"ولك" و"وك" و"ولتش"، وآخر للضمائر وما يقابلها في الفصحى، وملحق لأسماء الإشارة، وكذلك لأشهر السنة باختلاف تسمياتها.

المساهمون