استمع إلى الملخص
- شومينوف أكد أن الإيقاف جاء بسبب تصريحاته العلنية وليس جودة الجولات، مشيراً إلى وجود "أرشيف المنع" لأشخاص فقدوا وظائفهم بسبب مواقفهم من القضية الفلسطينية.
- النشطاء انتقدوا المتحف لعدم التزامه بشعاره حول "تعدد الآفاق"، والعريضة حظيت بتوقيع أكثر من 650 شخصية ومؤسسة دعماً لشومينوف.
وجّهت مجموعة من طلّاب "جامعة غوته" بمدينة فرانكفورت الألمانية مؤخراً عريضةً إلى "المتحف التاريخي" في المدينة نفسها، اعتراضاً على إيقاف الناشط الطلّابي الألماني واليهودي دانيال شومينوف عن عمله دليلاً ومرشداً سياحياً، وذلك بعد مشاركته كمتحدّث باسم مخيّم "حديقة هند" الذي عُقد في الجامعة بين العشرين والخامس والعشرين من أيار/ مايو الماضي، احتجاجاً على الإبادة المستمرّة في غزة، والتي راح ضحيّتها حتى الآن عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، وسلّط المخيم الضوء على التدمير المتعمّد لجميع المؤسّسات التعليمية في القطاع.
تلقّى شومينوف، بحسب ما جاء في العريضة، اتصالاً من إدارة المتحف تُخبره فيه أنّ مشاركته في المخيّم "أثارت قلق مجلس الإدارة"، لينشر الطالب، ومع توسّع حملة التضامن معه، فيديو تحدّث فيه أكثر عن تفاصيل إيقاف عمله في المتحف؛ قائلاً إنّ أحاديث دارت بينه وبين إدارة المتحف قبل عقد المخيّم في الجامعة، ومع بداية نشاطه التضامني مع فلسطين، حول طبيعة الجولات التوعوية التي كان يقود خلالها زوّار المتحف، ويسلّط فيها الضوء على تاريخ الفاشية في فرانكفورت، حين كان يصرّ ألّا يَحصر تاريخ اليهود مع الفاشية بكونهم ضحايا، بل كان يُحاول إبراز الجانب الثوري، وأنّهم انتظموا في حركات مقاومة وتحرُّر ضدّ الملاحقات التي طاولتهم منذ العصور الوسطى، وأثناء الحُكم الإقطاعي.
يردّ شومينوف على ادّعاءات المتحف بأنّ جولاته أثارت ردود فعل سلبية من الزائرين، وعلى بيان أصدره المتحف مؤخّراً يدّعي فيه أنّ إيقافه عن العمل جاء بسبب طبيعة الجولات التي يقودها، بالقول إنّه تلقّى اتصالَين حاسمين، وذلك يوم الثالث عشر من حزيران/ يونيو الماضي، أي بعد قرابة أسبوعَين من اختتام مخيّم "حديقة هند"، تُخبره فيهما إدارة المتحف أنّه لن يتلقّى أيّ طلبات للعمل في الفترة المقبلة، بسبب "تصريحاته العلنية التي أدلى بها في المخيّم"، وهو عكس ما جاء في البيان السابق الذي يُرجع إيقاف عمله إلى جودة الجولات التي يقوم بها، و"انزعاج بعض الزائرين منها". يردّ دانيال على هذا الادّعاء بأنّه قد تمّ إيقاف تشغيله أيضاً في مجال العلاقات العامّة والمراسلات في المتحف، وهي المهمة "الأقلّ إثارةً للجدل"، ما يؤكّد أنّ ما قامت به الإدارة هو "عملية إلغاء متعمَّدة".
يقدّم المتحف الألماني تاريخ الفاشية كقضية منفصلة عن الواقع
يوافق دانيال على ما جاء في بيان المتحف بأن "خلفية عائلته الدينية ليست السبب في وقف تشغيله"، فحسب كلامه "طالت عمليات المنع كلّ المتضامنين مع الفلسطينيين على اختلاف أصولهم ودياناتهم" ويُحيل هنا إلى قائمة طويلة يعمل عليها عدد كبير من الحقوقيّين والنشطاء في ألمانيا بعنوان "أرشيف المنع" والتي تجمع أسماء وقصصاً وشخصياتٍ عديدة خسروا وظائفهم ومُنع نشاطه في الفضاء العام بسبب موقفهم من الإبادة الجماعية في فلسطين، وصحيح أن هذه القائمة تضمّ شخصيات من أعراق وديانات مختلفة إلّا أن دانيال يدعو إلى "عدم تجاهل حقيقة أن ثلث الأسماء الواردة في القائمة تعود إلى شخصيات يهودية أو من أصول يهودية" الأمر الذي يُرجعه دانيال إلى "قيام إسرائيل بعمليات إبادة مستمرّة تُنفِّذها وتبرِّرها باسم اليهودية واليهود، ورغبتها في إسكات من يُعطِّل هذا".
لم يستطع دانيال أن يغض النظر عن "التناقض الفادح في تصرّف المتحف، فمن ناحية يُموِّل ويعقد جولات يقود فيها الطلاب والسيّاح ليتعرّفوا على تاريخ الفاشية في ألمانيا الذي أدّى إلى تدمير ألف وأربعمئة كنيس يهودي، بينما يمنع نفس المتحف الحديثَ عن هدم وتدمير ستّمئة مسجد وأربعة كنائس تاريخية في قطاع غزّة بما فيها من كتب وآثار، وفي أقل من سنة واحدة! بينما كان يجدر تعلّم الدرس التاريخي ورفع الصوت بإدانة أعمال الفاشية الإسرائيلية التي تُدمِّر المقتنيات الدينية والتاريخية".
وقد دعا دانيال إدارة المتحف إلى الحديث بصدق ووضوح معه وأن يخبروه بالضبط ما هي المخاوف التي يثيرها نشاطه بالنسبة إليهم، وألا ينسبوا الكلام إلى مجهولين، فهو يرى خطورة في هذا الأسلوب والذي قد يكون جزءاً من حملة تشهير به، خصوصاً أنه تعرّض لتهديدات بالقتل ومحاولات كثيرة للتضييق.
وهو ما أكّده النشطاء في رسالتهم التضامنية مع دانيال التي جاء فيها "على الرغم من أن شعار متحف فرانكفورت التاريخي يتحدّث عن 'تعدّد الآفاق' و'وجهات النظر ذات الصلة بواقع المجتمع'، إلّا أن دانيال قد أوقف عن العمل بسبب دعمه لهذا الحوار". ويلفت النشطاء في رسالتهم إلى دور محتمل قد يكون رئيس "جامعة غوته"، إينريكو شلايف، قد قام به، بصفته عضواً في مجلس أمناء المتحف، وقد صدرت عن شلايف في شهر مايو الماضي الكثير من التصريحات التي تُهاجم مخيم "حديقة هند" وتدعو إلى مقاطعته أو منعه.
وقد اعتبر النشطاء أن "سلوك إدارة المتحف يُدلِّل على أنهم لا يقبلون أن تكون التوعية حول الهولوكوست إلّا حين تتم من قبل أولئك الذين يتغاضون عن جرائم الحرب الإسرائيلية ضدّ الشعب الفلسطيني"، محذّرين من هذه الخطوة "غير الديموقراطية" مؤكِّدين على أن "إن إحياء ذكرى جرائم الفاشية الألمانية لا ينفي الالتزام بحقوق الإنسان والقانون الدولي في كل مكان في العالم؛ إذ إن الأخيرة هي نتاج الأولى". لافتين إلى الدور الواجب على المتحف الذي يعتبر نفسه "مكاناً للمعرفة والتأمل والنقاش"، مما يجعل "من مسؤوليته ربط تاريخ المدينة بالأحداث الحالية، والتعامل المسؤول مع تاريخ البلد الاستعماري، وذلك بإفساح المجال وتهيئة الأجواء للحوار، وليس بمنع أولئك الذين يحاولون إثارته". وقد وقَّع على العريضة حتى الآن أكثر من ستمئة وخمسين شخصية ومؤسسة، من بينهم العديد من الأساتذة الجامعيّين والأكاديميّين والكُتّاب، بالإضافة إلى أكثر من أربعمئة شخص فضَّلوا التوقيع بصفة مجهول.