مصنع أبو زعبل.. أربعة وخمسون عاماً على المذبحة

12 فبراير 2024
الجيش المصري خلال حرب الاستنزاف عام 1970
+ الخط -

تحتفظ الذاكرة العربية بسلسلة مجازر قام بها العدو الصهيوني في عدد من بلدان الطوق؛ مصر وسورية ولبنان والأردن، ذهب ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى من الفلسطينيين والعرب، في محطّات مختلفة من الصراع يعود أقدمها إلى عام 1948، عندما دخلت العصابات الصهيونية مسجد بلدة صلحا في جنوب لبنان، وقتلت أكثر من مئة شهيد من الأهالي الذين جمعتهم فيه.

في مصر، شنّت "إسرائيل" هجوماً على غزّة التي كانت تحت الحكم المصري، خلال العدوان الثلاثي عام 1965، واقترفت مجازر عدّة في القطاع، وكذلك في شبه جزيرة سيناء، حيث قتلت أكثر من مئتي مصري، وجرحت أزيد من ألف آخرين، واضطر آلاف المصريين إلى النزوح عن أراضيهم لأشهر طويلة. وفي عام 1967، نفّذت مجزرة بحق عدد من الأسرى المصريين عقب انتهاء القتال في سيناء، راح ضحيتها 250 جندياً مصرياً  ذُبحوا، ودُفن بعضهم أحياء على أيدي حملة "شاكيد" العسكرية.

تحلّ اليوم ذكرى مذبحة مصنع أبو زعبل للحديد في مركز الخانكة (18 كلم شمال القاهرة)، التي وقعت الخميس الموافق الثاني عشر من شباط/ فبراير عام 1970 خلال حرب الاستنزاف، رداً على عملية نوعية نفّذتها للقوات المصرية قبل يوم واحد ضد قوات الاحتلال في منطقة الشلوفة بسيناء المحتلة، ونجحت في قتل وإصابة عشرين عسكرياً إسرائيلياً وأسر اثنين آخرين.

طابع بريدي لمصنع أبو زعبل
طابع بريدي لمصنع أبو زعبل

دوّت في تمام الثامنة والربع صباح الخميس أصوات طائرتين فانتوم إسرائيليتين تتجهان نحو المصنع، أسقطتا صاروخين وعدداً من قنابل النابالم، وخلال ثوان تهدمت بنايات المصنع وتصاعدت ألسنة اللهب في المكان، فأصاب صاروخ ورشة الصيانة بشكل مباشر، كما أصاب الآخر محطة المحولات، ومن قوة الانفجار تفتّتت قوالب الحديد وتحولت بدورها إلى شظايا قاتلة، ونُقل المصابون وجثث الشهداء إلى المستشفيات، وكانت الحصيلة النهائية للضحايا 83 شهيداً و 150 جريحاً نصفهم تقريباً أًصيب بعاهات مستديمة.

دوّنت أسماء الشهداء على لوحة رخامية تذكارية، في مقبرة جماعية، أقيمت على مشارف منطقة أبو زعبل التي كانت قد تعرّضت لهحوم إسرائيلي قبل تلك المذبحة، بالتزامن مع اجتياح سيناء في العدوان الثلاثي أيضاً سنة 1956، في استهداف نال عدداً من المؤسسات الحيوية في العاصمة المصرية، حيث قًصفت محطة الإرسال الإذاعي فيها.

كتب الشاعر المصري صلاح جاهين قصيدته رثاء لشهداء المذبحة، قال فيها: "إحنا العمال اللي اتقتلوا/ قدام المصنع فى أبو زعبل/ بنغني للدنيا ونتلو/ عناوين جرانين المستقبل/ وحدة صف الأحرار/ جبهة لكل الثوار/ عبور الجيش لسيناء/ الزحف من الأغوار/ جيش العدو يتقهقر/ الأرض قايدة نار".

لم يتوقف إجرام الكيان الإسرائيلي، إذ لم يمض شهران على تلك المذبحة حتى قام بهجوم وحشي بالأسلوب نفسه ظهر يوم الأربعاء 8 نيسان/ إبريل 1970 على مدرسة بحر البقر الابتدائية في محافظة الشرقية، فأطلقت خمس طائرات إسرائيلية قنابل وصاروخين، استشهد بسببها وأصيب تسعة وستون تلميذاً.

المساهمون