محمّد الغُزّي.. في تذكُّر صاحب "سليل الماء"

26 يناير 2024
محمّد الغُزّي (1949 - 2024)
+ الخط -

في الثامن عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري، غادر الشاعر والناقد التونسي محمّد الغُزّي (1949 - 2024) عالمنا، بعد سويعات قليلة من إعلانه، عبر حسابه على فيسبوك، صدور مجموعةٍ شعرية جديدة له بعنوان "الجبال أجدادي.. الأنهار إخوتي"، تُضاف إلى ما تركه من أعمال شعرية منذ مجموعته الأُولى "كتاب الماء، كتاب الجمر" (1982).

هذه التجربة الكتابية الطويلة، بين الشِّعر والنقد الأدبي وقصص الأطفال، إضافةً إلى التدريس في "كلّية الآداب" بمسقط رأسه القيروان و"جامعة نزوى" في عُمان، والعمل الصحافي في الإذاعة والتلفزيون وفي مجلّتَي "الحياة الجديدة" و"الحياة الثقافية"، تُحييها أُمسيةٌ شعريةٌ ينظّمها فرع "اتحاد الكتّاب التونسيّين" في مدينة المنستير، عند الثانية من بعد ظُهر غدٍ السبت.

وتحت عنوان "لحن الوفاء لحن الخلود"، يُقدّم كلٌّ من هاني الفرحاني وعبد الواحد السويّح وفتيحة جلّاد وشكري المسعي وصلاح السويسي وعامر فريح وعبد الحكيم الربيعي وسعاد القرقني والعامرية سعدالله، قراءاتٍ شعرية تُرفع إلى روح صاحب "ما أكثر ما أعطى، ما أقلّ ما أخذت" (1991).

في نصوصه الأخيرة، التي نشر بعضاً منها على فيسبوك، نلمس نبرةً وداعيةً تعكس حزناً لم يبرحه منذ ودّع رفيقة دربه، أستاذة اللغة الإنكليزية، رجاء الغزّي، في تمّوز/ يوليو 2019، والتي كتب يرثيها في الذكرى الأُولى لرحيلها:

إلى رجاء التي رحلت قبل صياح الديك
سَوْفَ أوصِي بها العشْبَ والليْلَ والنجْمةَ الرّاجفهْ
سَوْفَ أوصِي بها الغيْمَ والماءَ
سوْفَ أقولُ لهنَّ: أحِطنَ بِهَا

فهْيَ لمْ تعْرفِ الموْتَ منْ قبْلُ،
فاعْذرْنَها إنْ هيَ استوْحَشتْ
واعْترَتْها، إذا دَخلتْ، رجفةُ الخوْفِ..
سِرْنَ إذنْ معَها فِي الظلامِ
وأسْندْنها عندمَا تتَعَثّرُ،
وامْسَحْنَ دمْعتَها حينَ تبْكِي،
فأرْهَفُ من قطرة الماءِ سيّدتِي
وأشفُّ من الضّوْء
.

بعد رحيله، كتب الناقد الجزائري يوسف وغليسي: "لم يستطع مقاومة رحيل رفيقة عمره؛ كان البيت الذي جمعهما - عمراً طويلاً - حليفاً قوياً ضدّ أيّ محاولة للنسيان.. غلّق ذلك البيت القيرواني الأليفَ الآهلَ بالذكريات الحميمة التي لا تُنسى، واختار فضاءً اعتباطياً بديلاً لاختبار مقدرته على إكمال بقية الرحلة بعيداً عنها. وحين أدرك عبثية فعله واستحالة محاولته، وأنّ شريكة أجمل ذكرياته أقوى من أن تُنسى، لوّح - آسفا - "للفرح القادم" المستحيل، ورمى المنشفة الشعرية، سالكاً دروب السالكين إلى ربّ العالمين، وسار إليها".

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون