مجيب الرحمن عامر.. مواجهة بين قاهرتين

14 يوليو 2022
"دار الأوبرا" في القاهرة بُنيت عام 1869
+ الخط -

في نيسان/ أبريل الماضي، بدأ أستاذ تاريخ العمارة والمدن والباحث المصري المصري مجيب الرحمن عامر نشر سلسلة مقالات تحت عنوان "القاهرتان"؛ في إشارة إلى القاهرة لتي أسّسها القائد الفاطمي جوهر الصقلي عام 969 ميلادية، لتكون مركزاً للحكم وانتشرت على مساحة تجاوزت ثلاثمئة فدان، وشكّلت أهم حاضرة في الشرق لقرون لاحقة.

أمّا القاهرة الثانية، فيقصد بها تلك التي طوّرها الخديوي إسماعيل في ستّينيات القرن التاسع العاشر، حيث شهدت العاصمة المصرية طفرة عمرانية استعارت الطرز الغربية مثل الباروك والروكوكو والقوطي الجديد، لتضاعف مساحتها أكثر من ثلاث مرات، وتحتضن مؤسّسات ومعالم البلاد الحديثة؛ مثل دار الأوبرا وإدارة السكك الحديدية ومديان التحرير وكوبري قصر النيل وغيرها.

ضمن مبادرة "المكان والناس"، ينظّم "بيت المعمار المصري"، عند السادسة والنصف من مساء الأحد المقبل، لقاءً مع مجيب الرحمن عامر بعنوان "القاهرتان في الأدب المعاصر"، يديره كلّ من أستاذة الأدب المقارن سلمى مبارك، والصحافي محمد شعير.

يشير عامر في تقديمه للمقالات إلى أنّ "فهم نشأة وتطوّر وسط مدينة القاهرة، أي المدينة الحديثة المختلف على تسميتها ما بين المدينة الأوروبية، الكولونيالية والقاهرة: الإسماعيلية الخديوية، يعتمد على فهم علاقة هذه الأخيرة بالسياق المجتمعي والسياسي الذي نشأت فيه، ويتّصل بهذين السياقين ارتباط المدينة الحديثة بالعمران الذي قامت على حدوده، ونعني بذلك المدينة القديمة، أي القاهرة الإسلامية، الفاطمية أو قاهرة القرون الوسطى الضاربة في جذور التاريخ. وتتّسم العلاقة ما بين القاهرتين الحديثة والقديمة، رغم التجاوُر الجغرافي، بالتضادّ، وهو تضاد يعكس هويّتين مختلفتين معمارياً وثقافياً واجتماعياً".

ويذهب إلى تحليل الأدبيات الأكاديمية المنشورة عنهما ومثيلاتهما في الأدب المصري الحديث، حيث ظهرت القاهرتان كصورتين في المواجهة رغم انتماتئهما للقاهرة الأم، موضّحاً أنه كما حدثت المواجهة بين القاهرتين في عالم الواقع، فإنها تمّت بينهما أيضاً في عالم الخيال الأدبي. ومن ثمّ ينبغي، في سبيل فهم العلاقة بين القاهرتين، أن يؤرَّخ لجذور المواجهة بينهما، منذ إنشاء المدينة الحديثة على حدود القديمة بقرار سياسي، وكذا لصُوَر هذه المواجهة في عالم الواقع كما في عالم الخيال، وهي الصور المحفورة في أذهان المصريين.

يحلّل عامر عملين أدبيين هما رواية "زقاق المدق" لنجيب محفوظ (1947) و"أنا حرّة" لإحسان عبد القدوس (1954)، تتابعت بعدهما روايات عديدة تناولت القاهرة الخديوية ومقارنتها بالقاهرة القديمة من منظور اجتماعي وسياسي وحضري، وعاينت الأحداث الوطنية الكبرى في حياة المدينة ضمن سياق تاريخي متّصل يبدأ بإنشاء المدينة الحديثة، ثم الحرب العالمية الثانية وكساد ما بعد الحرب، وصولاً إلى الحقبة الناصرية.

المساهمون