"متحف سرسق": خمسة معارض بيروتية بعد سنوات من الترميم

14 يونيو 2023
جانب من معرض "إيجكتا" لـ زاد ملتقى ("متحف سرسق")
+ الخط -

بخمسة معارض، أُعلِنَ عن عودة افتتاح "متحف قصر سرسق" في بيروت، يوم السادس والعشرين من مايو/ أيار الماضي، بعد أن تضرّر بسبب انفجار مرفأ المدينة في الرابع من أغسطس/ آب 2020 بأجزاء كبيرة من واجهته الخارجية، وكذلك مُقتنياته الداخلية. ورغم أنّ المكان، في حدّ ذاته، قد لا يلقى إجماعاً لدى جميع أطياف المشهد الثقافي اللبناني، بين مَن يعتبره شديد النخبوية، وآخرين يرونه تحفة فنّية تُذكِّر بعصر مضى، في مدينة تشهد أزمات متتابعة منذ سنوات، فإنّ إجراءات الترميم التي استمرّت ما يقرب من ثلاث سنوات، تدفع، أيضاً، للتساؤل عن مصير باقي المؤسسات الثقافية في البلاد، سواء التي تضرّرت بفعل الانفجار أو غيره من الأزمات.

"طريق الأرض" (يستمر حتى 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023) عنوان المعرض الأول، وهو عبارة عن تجهيز سمعي - بصري لمروة أرسانيوس، وأحمد غصين، وسابين سابا، يطرح حواراً إشكالياً عن مفهوم الانتماء. على الشاشة أمام المتلقّي في غرفة صغيرة تُعرَض تمثيلات رقمية وفي الخلفية البعيدة شجر زيتون وتراب بُنّي. في حين يشغل الأجواء صوت حوار دائر عن الهوية والتجنيس بين متحدِّثِين لبنانيِّين وسوريِّين لا تظهر صورهم. لكنّ هذا الحوار يُلائم في أحد وجوهه، إنْ جاز القول، ما يتعرّض له، اليوم، السوريُّون الهاربون من الحرب والموجودون في لبنان، من عنصرية وعنف، وآخِر ذلك حملات الترحيل القسري التي طالت أعداداً واسعة منهم.

إلى جانب التشكيل تحضر الفوتوغرافيا والتجهيزات السمعية البصرية

نبقى في الطابق الأول من القصر - المتحف، وننتقل إلى المعرض الثاني، "موجات الزمن" (حتى 11 فبراير/ شباط 2024)، والذي يستطلع ثلاثة جداول زمنية في سرد تاريخي للمتحف البيروتي ومعارضه، وللأحداث الاجتماعية والسياسية المحلّية البارزة الموازية للإنتاج الفني في البلد. ويتضمّن المعرض أعمالاً لكلّ من: عارف الريّس، وجان خليفة، وسمير خداج، وسامية عسيران، وآخرين. كذلك يعتمد على المواد التوثيقية والمحفوظات الخاصة بـ"سرسق"، ويضيء مراحل الانقطاع في تاريخ القصر. أما "رؤى بيروت" (حتى 11 فبراير/ شباط 2024)، فعبارة عن مجموعة صُور بالأبيض والأسود التُقطت للعاصمة اللبنانية، ومأخوذة من مجموعة فؤاد دبّاس، إلى جانب شريط فيديو رقمي، والذي يضمّ 30 ألف صورة مدمجة ببعضها البعض، لإعادة خَلْق جولة افتراضية للمباني التراثية في المدينة، ووقّعت خلفيته الموسيقية سينتيا زافين.

هذا ويحتضن الطابق الثاني معرض "أنا جاهل!" (حتى 19 مايو/ أيار 2024)، حيث يستعيد إرث "معرض الخريف" الذي أُقيم في 1961، وهو عام تحوُّل القصر إلى متحف. وحسب المنظّمين، فإنّ ذلك المعرض لعب دوراً مرجعياً في تشكيل "متنٍ فنّي وطني"، حيث عكس الأزمات التي مرّ بها لبنان، ويعتمد على تتبّع النقاشات والمناظرات التي شكّلت تاريخ المتحف وصاغته، ويستقي اسمه من عنوان مقال لجلال الخوري نشره عام 1964 في مجلّة "ماغازين" الفرنكوفونية، والذي حمل احتجاجاً لاذعاً على تحيُّز المتحف النخبوي في تبنّيه تيار التجريد.

أمّا العرض الأخير، في الطابق السفلي الثاني، وعنوانه "إيجيكتا" (المقذوفات البركانية، حتى 24 سبتمبر/ أيلول المُقبل) فيوقّعه التشكيلي والموسيقي زاد مُلتقى (1967)، وهو عبارة عن تجهيز سمعي - بصري مدّته 3 دقائق. ويقوم بتحويل الصور الرقمية المأخوذة من معرض المتحف الدائم، إلى عناصر بكسلية تنبثق على شكل حِمم بركانية. ويقترن هذا التدفّق مع صوت انفجار متكسّر، ويستلهم العمل مصدرَين موسيقيَّين: "دروس الظلمات" للفرنسي أنطوان شاربُونييه من القرن السابع عشر، و"تمارين على الأضواء" لزاد ملتقى نفسه، سبق أن قدّمه عام 2017.

المساهمون