مبارك بوحشيشي.. السواد كتعبير فنيّ

23 مارس 2021
(مقطع من عمل لـ بوحشيشي، من المعرض)
+ الخط -

في معرضه السابق الذي افتتح نهاية العام الماضي بعنوان "ذاكرة في المادة"، يتناول الفنان المغربي مبارك بوحشيشي (1975) تاريخ الحراطين (العبيد المحرّريين في المغرب والذين يقوا أحراراً من الدرجة الثانية في المجتمع)، حيث يتتبّع ما طوّروه من أساليب متقدّمة في الزراعة وإدارة المياه وعكس شكلاً من أشكال التمرّد لديهم.

يستعيد في هذا السياق العديد من الأحداث والرموز المتعلّقة بهذه الفئة الاجتماعية، مثلما فعل مع الشاعر مبارك بن زيدا (1925-1973) الذي ينتمي إلى الفلّاحين السود في مدينة طاطا المغربية، حيث كانت له مساهماته في فن أحواش حيث يترافق الشعر الشعبي مع الموسيقى والرقص في مساجلات شعرية معروفة، تكشف في أحد جوانبها عدم المساواة الاجتماعية والإثنية.

يُفتتح مساء اليوم الثلاثاء في غاليري "أتيلييه 21" بمدينة الدار البيضاء معرضه الجديد تحت عنوان "المرآة الصامتة"، والذي يستمر حتى السادس والعشرين من آذار/ مارس الجاري، ويقدّم خلاله أعمالاً استخدم فيها وسائط متعدّدة، كالرسم والإنشاءات والفيديو آرت.

(من المعرض)
(من المعرض)

ضمن نظرته إلى الفنّ المفاهيمي، يواصل بوحشيشي العمل على أفكار وثيمات قدّمها في عدد من المعارض، والتي تمثّل رؤيته في "تصوير الجسد الأسود وتمثّله داخل المجتمع المغربي، ما يجعل منها صورة من سيرة ذاتية لا يمكن تجاهلها، فالبحث عن مساحات فارغة وأخرى ممتلئة، ودقّة الحركة، التي بَصَمَتْ بدايات هذا الفنان كرسّام تجريدي، علاماتٌ تساعد على قراءة الأعمال الجديدة لهذا الفنان"، بحسب بيان المنظّمين.

يضيء المعرض حياة السود في الجنوب المغربي من خلال تحويل الملاحظات والترميزات الاجتماعية إلى أشكال مادية، حيث يهتمّ بفردات مثل الأرض والتربة والخشب والمعدن في محاولة لفهم وجودها وتغيّر شكلها، وما تنطوي عليه من إمكانيّةٍ للخلاص.

ويقدّم بوحشيشي أعماله ضمن رؤية أوسع تتعلّق بنزع المغرب عن أفريقيّته عبر "تبييض" تاريخه وهويّته، خلافاً لتعدّده منذ الأزل، متناولاً أمثلة عديدة في مقابلات صحافية سابقة توضّح هذا التعدّد، حيث هناك شخصيات تاريخية مهمّة كانت سوداء البشرة، مثل السلطان مولاي إسماعيل الذي حكم بين نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر، وقبله الأمير يوسف بن تاشفين، الذي يعدّ أبرز أمراء دولة المرابطين في القرن الثاني عشر.

وتوضّح الكاتبة فاطمة الزهراء لكريصة في تقديمها المعرض أن "معرض المرآة الصامتة يجمع بين تقديم إجابة عن اختلاف وتغيّر الجسد الأسود وبين محاولة إعادة تقييم وسائل تمثّل هذا الجسد، عبر تقنيات وأساليب مبدعة اشتغل عليها البوحشيشي للكشف عن المنطق الذي يحكم تشكيل البورتريه".
 

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون