لا تزال الفترة التي أعقبت سقوط الأندلس عام 1492، وانتهاء حكم المسلمين الذي استمر نحو ثمانية قرون، موضع اهتمام كثير من الباحثين، بدءاً من اتحاد مملكتي أراغون وقشتالة، وإحراق المكتبات العربية وتنصيب محاكم التفتيش.
في مواجهة التنكيل والقتل والنفي الذي مارسه القشتاليون، قام الأندلسيون باحتجاجات عديدة من أبرزها ثورة المورسكيين (1568 ـ 1571) التي انتهت بنفي المسلمين من مملكة غرناطة إلى داخل البلاد، وخضوعهم للإقامة الجبرية، وكذلك فُرضت على المخالفين عقوبات شديدة تصل إلى الموت.
"ما بعد الأندلس، وجهة نظر أخرى: المنشقّون والمهمّشون والمضطهدون والمنفيّون" عنوان سلسلة جلسات نقاشية أطلقها "البيت العربي" في مدريد مساء الخميس الماضي، وتتواصل حتى الثاني من الشهر المقبل، بتنظيم مشترك مع "جامعة قرطبة" و"مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين".
تضيء الجلسات العصر الذي تلا سقوط الأندلس من منظور أولئك الذين هم على هامش المجتمع، وتستكشف جوانب مختلفة: قانونية واجتماعية ولاهوتية وأدبية وتاريخية ولغوية، مع التركيز على الاضطهاد الذي تمّت ممارسته على المسلمين واليهود في تلك الحقبة.
وتقدّم ثماني مداخلات على مدار أربعة أسابيع، بتنسيق من خوان بيدرو مونفيرير سالا الذي يحمل درجة الدكتوراه في فقه اللغات السامية، ويعمل أستاذاً للدراسات العربية والإسلامية في "جامعة قرطبة"، ولديه دراسات عدّة حول المخطوطات والنصوص والنقد الأدبي في الأندلس.
ونُظّمت الجلسة الأولى تحت عنوان "في قلب الجامع"، حيث تحدّث فيها فرانسيسكو فيدال كاسترو حول الانقسام والاختلاف الذي ساد القضاء الأندلسي، معايناً نماذج لبعض القضاة غير التقليديين، كما تحدّث خوسيه رامون مجدلينا نوم ديدو حول القضاة والمجرمين في مملكة أراغون خلال القرنين الرابع عر والخامس عشر.
وتُعقد الجلسة الثانية عند السابعة من مساء غدٍ الخميس بعنوان "في الدوائر الداخلية للسلطة"، وتتناول فيها دلفينا سيرانو روانو سيرة أحد القضاة المنشقّين العصر المرابطي، بينما يستعرض يان ثييل واقع اللاهوتيين المنشقين في الأندلس.
كما تُقام في الثالث والعشرين من الشهر الجاري والثاني من الشهر المقبل، جلستان، يشارك في كلّ منهما الباحثون: خوان فرير كوستا، وخوان بيدرو مونفيرر، ومانويل إسبينار مورينو، وآيتور غارسيا مورينو، حيث تُناقَش مواضيع مثل الشعر والجنس والاحتجاج في رسائل أندلسية، واللغة عند يهود الأندلس.