استمع إلى الملخص
- مجلس الاتحاد يتخذ خطوات لحل الأزمة، بما في ذلك إعلان خلو منصب الأمين العام والدعوة لانتخابات جديدة، لضمان الشرعية والالتزام بالنظام الأساسي.
- الأزمة تبرز الحاجة لتوحيد الاتحاد وتجاوز الخلافات، مع التأكيد على أهمية الديمقراطية والشفافية للحفاظ على الثقافة والفكر العربي.
يعود مرّة أُخرى "الاتّحاد العام للأدباء والكتّاب العرب"، المُتفرّق والمليء بالخلافات، إلى الواجهة. ومن الطبيعي أن يعود إلى الواجهة طالما أنّ رئيسَه، هو المصري علاء عبد الهادي، الذي يعتبره مجلس "الاتّحاد العام للأدباء والكتّاب العرب" (السّلطة الأعلى حسب النظام الأساسي للمنظّمة)، رئيساً سابقاً وليس حاليّاً، وبالتالي لا صفة قانونية له. ورغم أنّ صلاحيّات هذا الرئيس قد انتهت، فقد بادر ودعا، بإصرار، إلى عقد اجتماع للمؤتمر العام للاتحاد في مقرّ إقامته في القاهرة، بين 29 أيار/ مايو الماضي ومطلع حزيران/ يونيو الجاري. وهذا ما اعتبره مجلس الاتحاد تصرُّفاً فردياً مخالفاً وخطيراً وغير سويّ في مجمل تاريخ الاتّحاد.
أمام هذا القرار، لم يكن من اتحادات الكُتّاب، في عدّة دول عربية، سوى امتناعها عن الحضور لهذا الاجتماع غير القانوني، بل والمُخالف لمجموعة من البنود في النظام الأساسي. وبذلك سيكون الاجتماع باطلاً وفاقداً للشرعية. وهو ما لا يجب السكوت عنه، خصوصاً في هذه المرحلة العصيبة التي تمرّ بها الدول العربية، التي ظلّ كُتّابها وأدباؤها ومفكّروها نخبةً منيعة ورادّة للتصدّعات وحملات الغزو المتكرّرة في المجال الثقافي والفكري.
قرارات فردية يُصدرها رئيسٌ انتهت ولايته منذ أزيد من عام
لم يحتمل مجلس الاتّحاد هذه الأزمة، فقرّر التدخُّل لحلّ الخلافات، ورَدْع التصرُّفات الفردية التي تصدُر عن رئيسه المُنتهية ولايته منذ سنة وثمانية أشهُر. فقام بخطوة أوّلية أعلن فيها خلوّ منصب الأمين العامّ ونوّابه وزوال صفتهم القانونية، ودعا إلى رأب الصدع وترتيب الأوضاع القانونية، وتنصيب أمين عام جديد، قبل عقد أيّ اجتماع. وبذلك قدّم المجلس مذكّرة بتاريخ الخامس عشر من أيار/ مايو 2024، أبرَز فيها التجاوزات القانونية التي صدرت عن الرئيس المنتهية صلاحيته، المستفرد بالقرارات، إذ إنه أقصى بعض الهيئات، وهذا ما يخرج عن صلاحيّات الأمين العام، حسب المادة الـ "17" من النظام الداخلي. وحسب المادّة الـ "18" فإن تجميد العضوية يحتاج إلى موافقة ثُلُثي أعضاء المجلس، وأن يُعرض القرار على المؤتمر العام للاتحاد في أول اجتماع للمُصادقة عليه.
وينضاف إلى زوال صفة الأمين العام القانونية، والاستفراد بالقرارات، أن عبد الهادي، الرئيس المنتهية ولايته، لم يدع إلى عقد اجتماع للمؤتمر العام بعد أربع سنوات من تولّيه الرئاسة، حسب المادّة الـ"12" من النظام، إذ إنه تجاوز المدّة المقرّرة بسنة وأربعة أشهر. رغم طلب ثُلث أعضاء المجلس عقد الاجتماع، عبر مجموعة "الواتساب" (المجموعة الخاصة بالاتحاد العام) التي أنشأها الرئيس المنتهية ولايته.
وقد وقّع المذكّرة القانونية التي صاغها ووجّهها المجلس اتحادات وهيئات عربية من الأردن، والبحرين، والسعودية، وسورية، والعراق، وسلطنة عُمان، وفلسطين ولبنان، وأيّدها بعد ذلك "اتحاد الكتّاب الموريتاني" في رسالة مستقلّة.
ردٌّ بإعلان خلوّ منصب الأمين العامّ والدعوة إلى انتخابات جديدة
لم تتوقّف المذكّرة عن التنبيه إلى التجاوزات القانونية التي ارتكبها الأمين العام السابق، بل دعت إلى تشكيل لجنة ثلاثية من الاتحادات الأعضاء في مجلس الاتحاد، ممّن لم يترشّح أي منهم لمنصب الأمين العام للتحضير والإعداد لمكان وزمان الاجتماع القادم للمؤتمر العام، والتنسيق مع البلد المستضيف وانتخاب أمين عام جديد ونوّاب جُدد، والتواصل مع جميع أعضاء مجلس الاتحاد العام للأدباء والكُتّاب العرب ودعوتهم إلى حضور هذا المؤتمر، دون إقصاء أو انتقاء، كما حدث أخيراً، خلال مدّة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخه.
إن ما يحدث اليوم في "الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب" كانت بداية تجلّياته المزرية قد ظهرت في عُهدة الأمين العام السابق، الراحل الحبيب الصايغ، ليواصل الأمين العام الحالي، علاء عبد الهادي، سياسة الإقصاء نفسها لسلفه، بل تمادى، حسب ممثّلي "اتحاد كتّاب المغرب"، في استخدام كلّ أساليب الاستبداد والديكتاتورية والمناورة والإقصاء، وما قصة استبعاد "اتحاد كتّاب المغرب" من الاتّحاد العام لسنوات، سوى تجلٍّ لهذا كلّه، رغم عودة "اتحاد كتّاب المغرب" (رغم المشاكل الداخلية التي تنخر كيانه) إلى تأكيد عضوية هذا الاتحاد العريق التي يحمل وراءه تاريخاً ثقافياً مُشرّفاً.
يؤكّد عبد الرحيم العلّام، رئيس "اتحاد كتّاب المغرب"، في حديثه إلى "العربي الجديد": "أنّ عودة 'اتحاد كتّاب المغرب' إلى أُسرته الطبيعية، كان إبّان اجتماع مجلس الاتحاد العام في نواكشوط، وقد تبيّن للجميع وقتها أن لا قرار سابقاً قد قضى باستبعاد 'اتّحاد كتّاب المغرب' طوال تلك المدّة، إلّا ما كان من تصفية حسابات صغيرة". وأضاف "أنّه سيلجأ إلى القضاء لحلّ القضية بصفة نهائية"، وحسب العلّام، فإن اتّحاد كتّاب المغرب قد توصَّل بدعوة رسمية إلى حضور الاجتماع، لكنّه رفض المشاركة، للأسباب المُشار إليها أعلاه.
مؤتمر وهمي أجمع أحد عشر اتحاداً عربياً على مقاطعته
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ اجتماع القاهرة شارك فيه حسن نجمي، وهو شاعر وروائي ورئيس سابق لـ"اتحاد كتّاب المغرب"، ونائب حسن نجمي في الرئاسة السابقة إدريس الملياني. وكان نجمي قد كُرّم في اجتماع القاهرة، ضمن عدد من رؤساء الاتّحاد السابقين (مصر، وفلسطين، والأردن) ومُنح درع التتويج ودبلوم التكريم. وقد اعتبر حسن نجمي ذلك إشارة اعتراف إلى ما قام به حين كان رئيساً للاتحاد من خدمات جعلت "اتحاد كتّاب المغرب" يلعب أدواراً طليعيّة في المناخ الثقافي العربي.
لم يكن أمام عبد الهادي، الرئيس المُنتهية ولايته، خصوصاً بعد فشَل عَقْد "المؤتمر العامّ للاتحاد العام" بتونس، لعدم توافر النصاب القانوني، سوى تهريب "المؤتمر العام" إلى القاهرة، و"بمن حضر"، ضدّاً على المقتضيات التنظيمية المُلزمة للنظام الأساس، لكن حتى هذا الأمل تبدَّد، بعد إعلان العديد من الاتحادات والهيئات العربية مقاطعة اجتماع القاهرة، التي يُسمع منها هذه الأيام صراخُ ألم الأمين العام السابق المصري أحمد سلماوي الذي بذل جهوداً، طوال تسع سنوات، في ضمّ فلسطين والعراق بعد أن كانت عضويتهما معلّقة، إضافة إلى موريتانيا وسلطنة عُمان اللتين لم تكونا عضوين، بحثاً عن أفق رحب لوحدة الاتحاد وتماسكه .
وقد أجمعت كل الاتحادات المقاطعة للمؤتمر الوهمي، باعتبارها تُشكّل أغلبية مجلس الاتحاد العام، وعددها أحد عشر اتحاداً (مقابل 6 اتّحادات، مشكوك في شرعية بعضها، حضرت مهزلة مؤتمر القاهرة) على مواصلة السعي نحو إنقاذ الاتحاد العام، فأصدرت بياناً رافضاً لمؤتمر القاهرة غير القانوني ولمُخرجاته السخيفة، فضلاً عن إجراءات أُخرى قادمة، تهمُّ الدعوة إلى عقد المؤتمر المقبل للاتحاد العام، في أفق وضع حد نهائي للفراغ القانوني لمنصب الأمين العام، وما ينتج منه من ضعف في أداء هذا الاتّحاد المأمول منه أن يجمع ما تفرّق من الاتحادات العربية، التي لا تخلو هي الأُخرى من اليراعات الصغيرة، البعيدة كلّ البعد عن أسئلة الكتابة، كما انشغلت بها طوال تاريخها. فقد تحوّلت صراعاتها إلى حروب صغيرة لا تتجاوز منصب الرئاسة.