يُعدّ العالِم المصري أحمد باشا كمال (1851 - 1923)، من الأسماء الوطنية الأولى التي كسرت احتكار المُستشرقين والرحّالة الأجانب للاشتغال والبحث في عِلم المِصريّات، هذا المجال الذي وضع الغربيون اليد عليه، منذ غزو نابليون لمصر عام 1798. وبفعل هذه الهيمنة الممتدّة، تعجّ المتاحف "العالمية"، اليوم، بلقىً وآثار مصرية، تسرّبت إليها بطرُق غير مشروعة.
إحدى أبرز إنجازات كمال، الذي يُصادف هذا العام الذكرى المئوية لرحيله، وضعُه لـ"معجم اللغة المصرية القديمة"، والذي يقع في 22 مجلّداً، ويجمع مفردات اللغة المصرية وما يقابلها بالعربية والفرنسية والقبطية، واستغرق إتمامُه قرابة عشرين عاماً. لكنّ الأهم في هذا المعجم أنه يدحض دعوات الفصل بين اللغة العربية واللغة المصرية القديمة، بل يُقيم بينهما صلة وُثقى، وهو ما عبّر عنه في أكثر من عملٍ له.
بمناسبة الانتهاء من ترميم ورقمنة "معجم اللغة المصرية القديمة"، تنتظم في "مكتبة الإسكندرية"، عند الحادية عشرة من صباح غدٍ الثلاثاء، ندوةٌ عِلمية بعنوان "مائة عام على رحيل أحمد باشا كمال"، وتحلّ فيها أسرةُ العالِم ضيفة، على أن تبدأ بمعرض عنوانُه "أحمد كمال باشا: رائد علم المصريات"، تُقدَّم فيه أجزاء من المعجم المذكور بعد انتهاء ترميمه في معمل الترميم التابع للمكتبة.
كذلك يحتوي المعرض على بعض المؤلّفات النادرة لصاحب "العقد الثمين في محاسن وأخبار وبدائع آثار الأقدمين من المصريين"، بالإضافة إلى صور شخصية، وأُخرى عن وثائقه الخاصة. كما يتضمّن برنامج العرض شريطاً وثائقياً، يعرضُ أهم محطات حياة كمال، وينوّه بسيرته وإصراره على تعليم المصرية القديمة ونشرها للجمهور العام.
أما الندوة العلمية فتشارك فيها مجموعة من الأساتذة المتخصّصين في اللغة المصرية القديمة، بالإضافة إلى خبراء من "مكتبة الإسكندرية" يساهمون بمداخلات حول دور المكتبة في ترميم ورقمنة "معجم اللغة المصرية القديمة"، والإجراءات المتّبعة في سبيل إتاحة أجزاء منه للجمهور، من خلال قطاعَي: "التواصل الثقافي" و"البحث الأكاديمي"، ومن ثمَّ حفظه في مكتبة الكتب النادرة. كما سيتم التطرّق لآليات الرقمنة التي تضع هذا العمل النفيس بكامله بين يدي الباحثين والمهتمّين.