قلبٌ قابلٌ لكل صورة

19 ابريل 2023
"تمثال ابن رشد" في قرطبة، إسبانيا، (Getty)
+ الخط -

الرمز شيءٌ والأسطورةُ شيءٌ آخرٌ تماماً. الرّمز مستقل بطبيعته، لا يحتاج إلى الأسطورة. في حين تحتاج هذه الأخيرة إليه، وتستخدمه دائماً. عادةً ما يخلط الناس بين الرّمز والأسطورة. قد يكون هذا الخلط، في كثير من الأحيان، ناتجاً عن سوء فهم، عن تحيّز، أو عن نوايا سيئة. 

في حالة الأندلس، يرى عميد المستعربين الإسبان، بيدرو مارتينيث مونتابيث (1933- 2023)؛ في كتابه الصادر عن "مؤسسة الفكر العربي" بعنوان "الأندلس الدلالة والرمزية" (2018)، ترجمة رانيا هاشم سعد، في معرض حديثه عن ثنائية الرمز والأسطورة وأشكال العلاقة المتبادلة والمتغيرة بينهما، أن "الامتداد الأسطوري للأندلس برز بشكل أكثر تواتراً من الطبيعة الرمزية. وقد تنامت تلك النزعة خلال العقدين أو العقود الثلاثة الأخيرة، سواء من الجانب العربي أو من الجانب الإسباني".

أليست الأندلس مستقبلاً أكثر من كونها ماضياً؟ 

لا يتردد مونتابيث في الإفصاح عن رأيه بهذا الشأن حيث يؤكد أنَّ "الأندلس الرمزيّة تشكّل مرجعاً مضيئاً ورائعاً يجمع ما بين عراقة الماضي وبشرى المستقبل. ولكن الحقيقة الرمزيّة للأندلس تتفوّق بطبيعتها على شكلها الأسطوري".

بعيداً عن ثنائية الرمز والأسطورة، تبدو لي الأندلس، كما أعيشها اليوم، عملاً مفتوحاً يتجدد في كل قراءة، فيما وراء الإيديولوجيات والسياسية. وهذا العمل خُلق جمعاً لا فرداً. بهذا المعنى، أحبُّ أن أسأل: أليست الأندلس مستقبلاً أكثر من كونها ماضياً؟ 

بالنسبة لي، لا أتردد لحظة واحدة في القول إن الأندلس كانت ولا تزال تشكّل نموذجاً فريداً لثقافة المستقبل، ثقافة إلغاء الحدود بين الانتماءات الثقافية أو القومية أو الدينية. إنها بهذا المعنى وطن يتسع للجميع. إنها قلبٌ قابل لكل صورة. 

المساهمون