يُقدِّم معرض "قرن في لوحات"، المُقام حاليّاً في قاعة متحف الفن الحديث "سيرمودرن" بأنقرة، مئة لوحة من أعمال مئة رسّام من الذين تركوا بصماتهم في الفنّ التشكيلي التركي. افتُتح المعرض، الذي تنظّمه "الجمعية التاريخية التركية" بالتعاوُن مع "كلّية الفنون الجميلة" بجامعة أنقرة، في الثاني من أيّار/ مايو الجاري، لمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية (1923 - 2023).
يتضمن المعرض ترتيباً زمنياً لأعمال الفنّانين البارزين حسب أجيالهم، ويشمل أعمالاً مختارة من السنوات الأُولى للجمهورية حتى الوقت الحاضر، وهو بمثابة إضاءة على قرن من الزمان، تعكس الحركات الفنّية وأنماط الرسم المختلفة التي أثّرت على الرسم التركي منذ بدايات الجمهورية إلى اليوم.
وتشمل الأعمال المعروضة العديد من الموضوعات والمقاربات، من المناظر الطبيعية إلى الحياة الساكنة، ومن البورتريه إلى الأعمال التصويرية، ومن الأعمال التجريدية والسريالية إلى حياة الناس اليومية في الشوارع.
ومن أكثر الأعمال اللافتة للانتباه في المعرض لوحة "القروي الذي يشرب الماء" لمحمد روحي أريل، و"داخل الجامع" لشوكت داغ، و"في المستشفى" لفكرت مُعلَّا، إلى جانب العديد من اللوحات لرسّامين بارزين آخرين؛ مثل: إبراهيم تشالِّي، وحسين أونات، وديفرم أربيل.
وهناك أيضاً حضورٌ لافت للوحات رسَّامات تركيات بارزات، من بينها "تكوين مُجرَّد" لفخر النساء زيد، و"من بورصة" لليلى جامسيز، و"شروق الشمس" لعلية بيرغر، الحائزة على جائزة أفضل لوحة لعام 1954.
كما يتضمّن المعرض، أيضاً، مجموعة لوحات خاصّة تتعلّق بالفترة الأُولى للجمهورية التركية، مثل مجموعة مجلس الأمّة التركي الكبير (البرلمان)، ومجموعة متحف حضارات الأناضول، ومتحف الفن، ومجموعة الإدارة الفنية العامة لبَنْكَي "يابي كريدي" و"خلق بنك"، ومجموعة متحف الإثنوغرافيا، والمديرية العامّة للخرائط، والمكتبة الوطنية، التي عرضت مجموعة لوحات مهمّة من سلسلة رموز الحرب؛ من بينها لوحة "يوم أسود" لحسين عوني ليفيغ، التي تُصوّر احتلال إسطنبول بعد الحرب العالمية الأُولى.
كما يسلّط المعرض الضوء على انعكاسات التغيرات السياسية والاجتماعية على العوالم الفنّية والروحية للفنّانين، حيث يُلاحظ أنّ الأعمال الفّنية المعروضة، والتي تعود إلى الفترات الأولى للجمهورية التركية، يتناول أغلُبها مسألة البحث عن الهوية، بعد التحوّل الجذري الذي أحدثته ثورة "التحديث" في الجمهورية التركية على يد مؤسّسها مصطفى كمال أتاتورك، بينما تتناول اللوحات التي تنتمي إلى الخمسينيات موضوعات تتعلّق بالقرية، حيث كانت مسألة إصلاح أوضاع الفلّاحين من خلال استخدام أساليب الزراعة الحديثة على قائمة أولويات حكومة عدنان مندريس في مطلع الخمسينيات.
لا تقتصر أهمّية المعرض، الذي يستمر حتى الثاني من تمّوز/ يوليو المقبل، على عرض لوحات مهمّة على الجمهور للمرّة الأُولى، مثل لوحات تورغوت زعيم وشادان بازاييش من المجموعة الفنّية لمجلس الأمّة التركي الكبير، بل تتجاوز ذلك إلى إتاحته فرصةً للاطّلاع على التوجّهات الفنّية للجمهورية التركية في مرحلتها الأُولى، وتتبُّعه أبرز التغيّرات التي طرأت على فنّ الرسم في تركيا خلال مئة عام.