قاعات السينما في المغرب.. محاولة لإنقاذ ما تبقّى

15 اغسطس 2022
"سينما إسبانيول" في تطوان، 2019
+ الخط -

بعد أن كانت تُقدَّر بقرابة 247 قاعةً عام 1987، تراجَع عددُ قاعات السينما في المغرب ليصل إلى قرابة 150 قاعةً في نهاية التسعينيّات. وظلَّ هذا التقلُّص مستمرّاً بوتيرةٍ سريعة حتّى لم يبقَ، بحلول 2019، سوى قرابة أربعين قاعةً تتوزّع بين مدن مختلفة من البلاد.

لا يختلف المغرب في ذلك عن بلدانٍ كثيرة أُخرى؛ حيثُ تُمثّل قصّةُ القاعاتِ انعكاساً لما شهدته السينما مِن تطوُّرات مُتلاحقة؛ مِن أقراص الـ"دي في دي" في بدايات الألفية الثالثة، ووصولاً إلى انتشار الإنترنت ومنصّات المشاهَدة الرقمية. وهكذا تراجَع الإقبال على القاعات، وتهاوى عددُ التذاكر التي تُباع خلال السنة مِن أربعين مليون تذكرةٍ في نهاية الثمانينيات إلى أقلَّ مِن مليون اليوم.

كان لهذا العزوف تأثيرُه المُباشِر على حياة القاعات السينمائية التي وجدَت نفسَها عرضةً للإهمال والإغلاق والهدم، وهو وضْعٌ يُلقي بظلاله على الإنتاج السينمائي، الذي يشهد حركيةً ملحوظةً في السنوات الأخيرة؛ حيثُ تتقلّص الفضاءات المتاحة لصنّاع الأفلام لعرضِ أعمالهم أمام الجمهور.

ضمن محاولات مواجهَة هذا الوضْع، جرى استحداث "لجنة دعم رقمنة وتحديث وإنشاء القاعات السينمائية" التابعةِ لـ"المركز السينمائي المغربي"؛ وهو هيئة تابعة لوزارة الثقافة والاتصال أُنشئت عام 1944. وبالإضافة إلى استحداث قاعات سينما جديدة، تعمل اللجنة على تحديد القاعات التي تتطلّبُ تمويلاً مادياً لتطويرها، وتوفير هذا التمويل لها.

يوم الخميس الماضي، أعلنَت اللجنة، التي يترأسها محمد كلاوي، وتضمُّ في عضويتها كلّاً مِن: أسماء العلوي، وفدوى مروب، وسميرة الحيمر، وأحمد بوغابة، وأحمد الغمام، ورشيد منتصر، عن تخصيص موازنةٍ مالية بقيمة 11 مليون و500 ألف درهم مغربي لدعم خمس قاعات سينمائية في المغرب.

تغيب عن الموازنة الجديدة مدن لا تحتوي أيّة قاعة سينما، مثل وجدة

تشمل الموازنة إنشاء قاعتَين جديدتَين؛ هُما: "Cinerji" في الجديدة، و"فوكس" في بني ملّال، إلى جانب تحديث قاعة "الدوليز" في الدار البيضاء، ورقمنة كلّ من قاعتَي "الريف" في الدار البيضاء و"اسبانيول" في تطوان. والملاحظ في الخطّة الجديدة، تواصُل غياب مدُن مثل وجدة، على الحدود المغربية الجزائرية، والتي لا توجَد فيها اليوم أيّة قاعة سينما، بعد أن كانت تضمّ العديد منها في السابق.

وفي آب/ أغسطس الماضي، أقرّت اللجنةُ موازنةً لإنشاء قاعة "أييريا بارك" في الدار البيضاء، ورقمنة "سينما الريتز" و"ABC" ودعم "سينما لوتيسيا" في المدينة نفسها، ودعم قاعتَي "ميغاراما 2" و"ميغاراما قاعة 3" في الرباط.

يجري اتخاذ هذه القرارات بناءً على دراسة ملفّات ترشيحاتٍ من المُدن لإنشاء قاعات سينمائية فيها، أو مِن القاعات نفسها لتحديثها ورقمنتها. وكانت وزارة الشباب والثقافة والتواصُل أعلنت، مطلع الشهر الجاري، عن شروطٍ ومعايير جديدة للحصول على التمويل المخصَّص لإنشاء القاعات السينمائية وتحديثها ورقمنتها، مِن بينها تحديد "جدوى المشروع على المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي"، و"معاينة أشغال تهيئة القاعات المرشَّحة للدعم من قبل لجنة ثنائية مشتركة بين وزارة الاتصال والمركز السينمائي المغربي"، والتي تُعدّ تقريراً ترفعه إلى لجنة الدعم قبل البتّ في الملفّ، على أنْ تُمنَح نصف الموازنةِ المخصَّصة للتمويل عند انطلاق الأشغال، ويُمنَح النصف الآخر عند اكتمالها.

وكان وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، قال، في تصريحات سابقة، إنّ وزارته تسعى لإنشاء أكثر من 150 قاعةً قبل نهاية السنة الجارية، وهوُ رقمٌ كبير جدّاً، ويبدو تحقيقُه في موعده المُحدَّد صعباً إن لم يكُن مستحيلاً، بالنظر إلى بطء وتيرة العملية.

المساهمون