استمع إلى الملخص
- أكدت كاتيا الطويل أهمية الجائزة في توجيه التلاميذ نحو الأدب وسط تراجع الاهتمام به، وخلق مساحة للتفاعل بين التلاميذ والكتاب، وتعزيز العمل التشاركي.
- عبر الفائزون عن تجاربهم الملهمة، مع فتح باب التسجيل للدورة الثانية حتى فبراير 2025، واختبار المشاركين في أعمال روائية مميزة.
في العام الماضي، أطلقت "جامعة القديس يوسف" في بيروت بالتعاون مع "مؤسّسة سمير قصير"، جائزة أدبيّة بعنوان "قارئ ومبدع" مُخصّصة لتلامذة المدارس اللبنانيّة في مراحل التعليم الثانويّ، وتُقسم إلى فئتَين: فئة المطالعة وفئة الكتابة، حيث حملت الدورة الأولى منها اسم الروائية اللبنانية علوية صُبح، وأُعلِن عن نتائجها في حزيران/ يونيو الماضي، وضمن السياق نفسه أعلن القائمون على الجائزة، مؤخّراً، إطلاق الدورة الثانية منها والتي تحمل اسم الروائي حسن داود "نظراً إلى كتاباته الغزيرة وإلى إنجازاته في عالم الأدب والصحافة".
تحدّثت "العربي الجديد" مع عضو لجنة الحكم، الأكاديمية والكاتبة اللبنانية كاتيا الطويل، التي لفتت إلى أن "فكرة الجائزة قد فرضها الواقع ذاته إذ لا يوجد أي جائزة ثقافية مخصّصة لفئة تلاميذ المدارس، فمنذ سنتين ألغت وزارة الثقافة إحدى الجوائز الشبيهة، ومن هنا ارتأينا أن نؤسّس جائزة بديلة، فأخذت 'جامعة القديس يوسف' الأمر على عاتقها بهدف دعم التلاميذ ومكافأة الموهوبين منهم بتقديم منحة للفائزين لدراسة أحد التخصّصات في 'معهد الآداب الشرقية' التابع للجامعة، مع فرصة نشر الأعمال المكتوبة في 'مجلّة المشرق'، بالإضافة إلى مبلغ مالي يُمنح للمراكز الثلاثة الأولى عن فِئتَي الجائزة: المطالعة والكتابة".
تهدف إلى دعم التلاميذ ومكافأة الموهوبين في مجالات الأدب
وتُضيف: "على هذا الأساس انطلقنا العام الماضي بالدورة الأولى التي حملت اسم الروائية علوية صُبح، في محاولة للتقريب بين التلاميذ والكُتّاب والعكس، ولخلق مساحة بينهما للحديث عن تحدّيات الكتابة والقراءة والنشر وغير ذلك، ونستكمل الدورة الثانية في هذا العام الدراسي التي تحمل اسم الروائي حسن داود. وتهدف الجائزة إلى توجيه التلاميذ في ظلّ انحسار الاهتمام بالأدب لصالح الاختصاصات العِلمية والمهنية الرائجة في سوق العمل، كما أن هناك قطاعات واسعة منهم عازفة عن تناول الأدب لصعوبة تحصيل مردود مادّي منه، بالإضافة إلى سعينا لتعريف الطلّاب إلى بعضهم بحُكم أن القراءة لا بدّ أن تكون عملاً تشاركياً".
وتُوضّح الطويل لـ"العربي الجديد": "لا شكّ في أنّه كان لدينا الكثير من التخوّفات العام الماضي، من حيث مشاركة التلاميذ هل ستكون أقلّ من المطلوب أو أكثر بكثير، لكن في النهاية شارك معنا خمسون تلميذاً من جميع المناطق اللبنانية حتى من أبعد القرى الجنوبية مثل رميش والنبطية التي كانت تحت القصف الإسرائيلي قبل أن يتهجّر معظم سكانها مؤخراً. أما هذا العام فرغم أننا تردّدنا في بداية الأمر بإطلاق الجائزة نظراً لظروف العدوان الإسرائيلي على لبنان، إلّا أننا لمسنا أنّ التأخير لا يُجدي، وأن الحياة الثقافية في لبنان هي الشيء الوحيد الذي ما زال قائماً في ظلّ الانهيار الاقتصادي وأجواء الحرب، ليُصار إلى إطلاق الجائزة مع دعاية محدودة احتراماً لأرواح الشهداء والعائلات المكلومة والنازحة. بالنهاية رسالتنا تُختصر في تشجيع التلاميذ والتأكيد لهم أن هناك أملاً في الأدب رغم الأبواب الموصدة".
بدوره تحدّث التلميذ الفائز بالمرتبة الأولى عن فئة القراءة، دورة العام الماضي، شربل هاكوب مارديروسيان، عن تجربته، موضحاً لـ"العربي الجديد": "استهوتني القراءة منذ الصّغر، فهي تعكس رونق اللّغة العربيّة، حيث شكّل إتقاني لها مفاجأة للمجتمع (لجنة التّحكيم خاصّةً) كوني أرمنيَّ الأصل. وهنا، ظهرت "جائزة قارئ ومبدع" لتكون بمثابة تحدٍّ شيّق. وقد قرأت الكتب الخمسة، التي أضاف كلّ منها لمسة خاصّة، في شهرٍ واحد كون الإعلان وصل متأخّراً إلى مدرستي ثانويّة راهبات الورديّة - قرنة الحمرا. يوم الاختبار الخطّيّ، امتزج شعور القوّة بالحماس ليخلقا تميّزاً، انعكس تأهُّلاً إلى مرحلة المقابلة الشّفهيّة، حيث التقينا بالمبدعة علويّة صبح التي أغنتنا بتجربتها. أمّا عن لحظة إعلان النّتائج، فقد رافقني الفخر، غير آبهٍ بالتوتّر الذي ظهر عليّ قبيل إعلاني الفائز بالمرتبة الأولى عن فئة القراءة. وإلى كلّ المشتركين في دورة حسن داود، أقول: اهتمامكم باللّغة نجاح وتألّق، استمرّوا في نشر بذور الإبداع العربيّ، أنتم في المكان الصحيح".
أمّا التلميذ الفائز بالمرتبة الثانية عن فئة الكتابة، مارفن ميشال عجور، فيقول: "كنتُ أبحث عن نفسي، بعد أن اعتنقتُ الكتابةَ هوايةً وهويّةً لي. كنتُ أبحثُ عن مكانٍ يُشبهني. فوجدته في 'معهد الآداب الشرقيّة' في بيروت. هذا المعهد العريق الذي أطلق العام الماضي جائزة 'قارئ ومبدع' وخصّصها للمواهب الفتيّة. استقبلنا في رحابه، وجمعنا قرّاءً ومبدعين، تحت مظلّة الأدب العربي. مثّلتُ 'مدرسة سيّدة جبل الكرمل - الفنار'، وبلغتُ القائمة القصيرة للجائزة، مجتازاً في ذلك المرحلة الأولى. بعدها اجتمعت أنا وزملائي بالروائية علويّة صبح المكرّمة في الدورة الأولى للجائزة التي ألهمتنا الإبداع. تلت اللقاء، مقابلة شفهيّة، عبّرت فيها عن ذاتي وعن حريّتي التي أجسّدها دائماً في كتاباتي. وإلى تلامذة الدورة الثانية، أقول لكم: خوضوا هذه المغامرة بحفاوةٍ واعتزاز. أبدعوا، دافعوا عن لغتكم العربيّة، انحازوا إليها، استمتعوا بجمالها، توّجوها ملكةً على عرشِ إنجازاتكم. ولتكن 'قارئ ومبدع' حجر الزاوية في مستقبلكم الواعد".
يُشار إلى أنّ باب التسجيل في الدورة الثانية للجائزة مفتوح حتى 23 من شباط/ فبراير 2025 (تلميذ واحد عن كلّ مدرسة)، أمّا الأعمال الروائية التي سيُمتحن بها المشاركون لهذا العام، فهي: "نقِّل فؤادك" لحسن داود، و"أصبحتُ أنت" لأحلام مستغانمي، و"شريد المنازل" لجبور الدويهي، و"الحفيدة الأميركية" لإنعام كجه جي، والترجمة العربية لرواية "الطاعون" لألبير كامو، على أن يُعلن عن النتيجة في حزيران/ يونيو من صيف العام المُقبل.