فرناندو باييخو.. الطيف الآخر من السرد

22 يوليو 2023
فرناندو باييخو (تصوير: كاميلو روزو)
+ الخط -

قد يكون تحدّي السلطة والقوّة أحد الأشياء التي اعتاد عليها قرّاء الكاتب الكولومبي فرناند باييخو. فكلّ كتاب جديد له غالباً ما يكون مليئاً بجرعة كبيرة من الغضب المتفجّر، والذي يستخدمه، بشكل أو بآخر، في تمييز وتحديد أولئك الذي يُفسدون النظام. فعل ذلك في كتابه "ذكريات أولاد الحرام"، الذي صدر في 2019، وها هو الآن يكرّره في كتابه الجديد "مؤامرة ضد بوركي"، الصادر مؤخراً عن دار "الفوغارا".

يعود باييخو، في كتابه الجديد، إلى العديد من هواجسه الأدبية، بما في ذلك نقد الكنيسة والأوساط الأكاديمية والعلماء مثل داروين وآينشتاين والطبقة السياسية الدولية، وخاصة الطبقة السياسية في كولومبيا، المكوّنة مما يسمّيه "بوركي" (الخنازير). كما يتناول المزيد من القضايا الشخصية مثل حياته في ميديلين، والشيخوخة، وكلبه بروسكا، وما تقوله الصحافة عنه.

هكذا بأسلوب شخصيٍّ، وغير موقر، وبسخرية، وكثير من الشتائم والمفارقات، يحاول باييخو أن يلتقط التغيير المحموم الذي اجتاح العالم في أسلوبٍ سرديٍّ يحاور فيه وجهاً لوجه الواقع المعاصر والجو المروّع الحالي، خصوصاً في عالم صارت فيه التقنيات الجديدة والشبكات الاجتماعية تحدد كل شيء، كما أنها تؤسِّس لما يحدث وما يسمّى الفكر.

غلاف الكتاب

ما يحاول الكاتب الكولومبي نقله في كتابه، من خلال عباراته وجمله الثقيلة، هو فكرة إدراكه للمجتمع الفاسد، لذلك ستكون المؤسّسات، بكافة تنوعاتها، الثقافية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، هدفه الرئيس في النقد، حيث سيسلّط الضوء على ممارساتها عالمياً، ومن ثم سيتعمّق في الحالة الكولومبية، وسيصل إلى نتيجة مفادها أن هذه المؤسسات هي التي أفسدت الكون الذي نعيش فيه.

استطاع باييخو أن يثبت نفسه في خريطة بلده وفي القارة اللاتينية عموماً، على الرغم من ظلّ صاحب "مئة عام من العزلة"، وواقعيّته السحرية التي تطغى على الكتّاب الكولومبيين. إلّا أن فاييخو، ولكي يؤكد حضوره من بين سردية القارة اللانينية الأبرز، قرر الذهاب إلى الطرف الآخر من السرد، إلى ما يسمّيه تفكيك الإنسان "لأنه لا يستحق أن يكون على قيد الحياة، وليس الكوكب الذي نعيش عليه إلا نموذجاً لسياسيات الإنسان.

يُذكر أن فرناندو باييخو كاتب ومفكّر وسينمائي من مواليد بوغوتا عام 1942، صدرت له عدّة روايات ودراسات أدبية. من أعماله: "الأيام الزرقاء" (1995)، و"بين الأشباح" (1993)، و"أنقاض" (2021). نال العديد من الجوائز الأدبية، أهمها "جائزة الآداب الرومانسية" عام 2011، في مدينة وادي الحجارة المكسيكية.

 
 
المساهمون