كثيراً ما تناولت الأكاديمية فايزة هيكل، الأدب المصري القديم كتعبير ثقافي، بل إن أستاذة علم المصريات تدرّسه في الجامعة الأميركية بالقاهرة، وترى أن العديد من الممارسات في مصر الحديثة يمكن إرجاعها إلى قدماء المصريين، من الجنازات والزراعة والنسيج إلى رواية القصص والتعبيرات العامية.
ترى هيكل، التي تلقي محاضرة بعنوان "ترجمة الثقافة واللغة المصرية القديمة"، عند السابعة من مساء الثلاثاء، الثامن من الشهر الجاري، أن الشيء المذهل في الأدب المصري القديم هو انتقال الثقافة، أي ما تركه المصريون القدماء وما زال المصريون اليوم يتداولونه، وتطلق على هذا الانتقال ترجمة. فهيكل لا تنظر فقط إلى تاريخ وترجمة الأدب القديم، ولكن ما تكشفه النصوص، من خلال المحتوى والشكل، عن طبيعة قدماء المصريين.
وفقًا لهيكل، كما ذكرت في العديد من محاضراتها السابقة، فقد كان لدى المصريين القدماء أدب جيد الكتابة وحسن التصميم كتبه متخصصون. مع تطور الثقافة الأدبية في مصر القديمة، ظهرت أنواع متميزة من القصص تخدم أغراضًا مختلفة.
المثير للاهتمام، بحسب هيكل، هو أن نفس الأنواع التي شوهدت في الأدب المعاصر كانت موجودة في مصر القديمة، وقد تم استخدامها بنفس الطريقة التي نستخدمها اليوم. هناك شعر عن الحب، وحكايات خيالية عن المغامرة للترفيه، وأساطير تنذر أو تعلم الدروس. هذا صحيح بشكل خاص خلال الدولة الوسطى (2000 قبل الميلاد إلى 1700 قبل الميلاد) ، عندما ازداد تنوع وعدد النصوص مع تطور لغة المصريين القدماء بشكل كبير.
المثير للاهتمام، بحسب هيكل، هو أن نفس الأنواع التي شوهدت في الأدب المعاصر كانت موجودة في مصر القديمة
من أشهر النصوص المصرية القديمة قصة سنوحي، الرجل الذي هرب من مصر بعد أنباء وفاة الملك وانخرط في صفوف القبائل البدوية. تتضمن القصة، التي يعتبر فيها سنوحي نفسه الراوي، عدة أنواع: النثر السردي، والسيرة الذاتية، والشعر، والدعاية للملك، والكتابة الدينية. كما أن قصة سنوحي هي نافذة شاملة على الحياة المصرية القديمة.
النص يلقي الضوء، ليس فقط على مصر القديمة، ولكن أيضًا على جيرانها. هناك أيضاً مقارنات بين المجتمع والتقاليد والسلوكيات. يمكن لنصوص مثل قصة سنوحي أن ترسم صورة كاملة للحياة المصرية القديمة. ترى هيكل أن المصريين اليوم ترجموا طريقة تفكير الفراعنة إلى أفعال يمارسونها، من ذلك الممارسات الجنائزية، حيث يمكن رؤية تأثير مصر القديمة في كل من التقاليد واللغة. ففي مراسم الدفن، كان قدماء المصريين يقدمون الطعام للمتوفى كقوت لدعمهم في الحياة التالية. تشير النصوص أيضًا إلى أنهم انخرطوا في التقليد المألوف لتقديم الزهور والنباتات، كرمز لدورة الحياة المستمرة والخلود.
وفي لغة قدماء المصريين، هناك فعل محدد يستخدم للإشارة إلى زيارة الموتى، حرفيًا الصعود إلى المقابر: طلعة. اليوم، يستخدم المصريون الفعل نفسه. وفي معظم دراساتها ومحاضراتها قدمت هيكل أمثلة من هذا النوع على ترجمة تفكير الفراعنة إلى فعل أو قول في حياة المصريين اليوم.