ما زال قطاع الثقافة والفنون في غزّة عُرضةً للتدمير والتخريب المُمنهَجين، منذ بداية العدوان الصهيوني في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. ومن بين المؤسّسات التي استُهدِفت "المكتبة العامّة" التابعة لـ"بلديّة غزّة"، والواقعة في شارع الوحدة وسط المدينة.
المكتبة، التي استهدفت قبل أيام، هي الأكبر في غزّة، وتحتوي على وثائق وكتب تاريخية يعتبرها سكّان المدينة جُزءاً أصيلاً من ذاكرة البلاد وحاضرها. وقد مثقّفون وناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي أنّ الاستهداف جزء من النهج الإسرائيلي المُخطَّط لإعدام الوثائق والكتب التاريخية في مختلف العلوم.
من جهتها، أدانت "بلدية غزة"، في بيان نشرته على صفحتها في فيسبوك، تدمير الاحتلال لمبنى المكتبة، قائلةً إنّ "طائرات الاحتلال استهدفت مبنى 'المكتبة العامة'، وحوّلته إلى رُكام، وتسبّب القصف بحرق وإعدام آلاف الكُتب والعناوين والوثائق التي توثّق تاريخ المدينة وتطوّرها، بالإضافة إلى تدمير قاعة دورات اللُّغات في المكتبة ومرافق أُخرى تابعة للمكتبة".
كما أكّد البيان أنّ استهداف الاحتلال الهمجي للمكتبات والمراكز الثقافية في المدينة وتدمير مبنى المكتبة العامّة، و"مركز رشاد الشوّا الثقافي"، و"مكتبة ديانا تماري صبّاغ"، و"مطبعة البلدية"، و"مركز إسعاد الطفولة"، يهدف إلى نشر حالة من الجهل في المجتمع. ودعت البلدية، أيضاً، "منظّمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" (يونسكو) للتدخُّل وحماية المراكز الثقافية، وإدانة استهداف الاحتلال لهذه المرافق الإنسانية والمحميّة بمُوجب القانون الدولي والإنساني.
وقصف جيش الاحتلال الصهيوني أيضاً مبنى "الأرشيف المركزي" الذي يقع في "ميدان فلسطين"، وسط مدينة غزّة، وهو يضمّ مباني ووثائق تاريخية قديمة عمرُها أكثر من 150 عاماً، إضافة إلى خرائط ودراسات هندسية ودوائر التحكّم والمراقبة في آبار المياه وشبكات الصّرف.
أمّا "مركز رشاد الشوّا الثقافي"، الذي لم ينج هو الآخر من الصواريخ الإسرائيلية، فيُعتبَر من أهمّ المعالم التاريخية والثقافية. واعتبرت "بلدية غزة" أنّ قصف الاحتلال للمركز يندرج ضمن العُدوان الهمجي على القطاع، ولا ينفصل عن قتل آلاف المدنيّين ومحو الذاكرة الحضارية للشعب الفلسطيني.
يُذكر أن المركز من تصميم المعماري السوري سعد محفل، وافتُتح عام 1988، ويتكوّن من ثلاثة طوابق، بسقف مثلّث، ويضمُّ داخله قاعات كبيرة لاستضافة الفعاليات الدينية والثقافية، من بينها "مكتبة ديانا تماري صباغ"، ومسرح، وهو يحمل اسم رئيس "بلدية غزة" في السبعينيات؛ أحد أبرز وجوه المدينة الاجتماعية والثقافية.
وتسبّب العدوان الإسرائيلي على غزّة - إلى جانب المأساة الإنسانية غير المسبوقة - بتدمير واسع في معالم المدينة ومنشآتها الثقافية، ومن المراكز التي تعرّضت للتدمير الجزئي أو الكلّي فيها: "متحف القرارة"، و"المركز الثقافي الأرثوذكسي العربي"، و"مكتبة سمير منصور"، و"مكتبة الشروق"، و"مكتبة التنمية"، و"منتدى الأمّة للتنمية".