غرائب جائزة اسمُها آسيا جبّار

02 يوليو 2022
آسيا جبّار في بورتريه لـ سعد بن خليف (العربي الجديد)
+ الخط -

قبل إعلان أسماء الفائزين في الدورة السادسة من "جائزة آسيا جبار للرواية"، أوّل أمس الخميس، أو ما يُصرّ منظّموها على تسميتها بـ"الجائزة الكبرى للرواية آسيا جبّار"، تداوَل على المنصّة ثلاثة مسؤولين (مديرة المؤسّسة المنظِّمة، ووزير الاتصال، ووزيرة الثقافة) تحدّثوا، بثقة زائدة، عن الدور الذي تلعبه الجائزة، منذ إطلاقها عام 2015، في "ترقية الأدب الجزائري".

ما الذي أضافته الجائزةُ إلى المشهد الأدبي الجزائري خلال مسارها المتعثّر؟ هل أسهمت في اكتشاف أسماء أدبية أو الترويج لأعمال روائية أو ترجمتها إلى لغاتٍ غير التي كُتبت بها؟ لم تفعل "آسيا جبّار" أيّاً مِن ذلك. وربّما كان بإمكان القائمين على الجائزة أنْ يضعوا تلك الادّعاءات جانباً، ويكتفوا بوصفها منحةً تُقدَّم لثلاثة كتّاب كُلّ سنةٍ ليستعينوا بها على تكاليف العيش. لكنّ قيمتها المالية لا تنفع حتّى لذلك.

وتلك القيمةُ الزهيدة ربّما هي جزءٌ بسيطٌ من الميزانية الإجمالية المخصَّصة للجائزة، والتي يضيع نصيبُ الأسد منها في الجوانب الإدارية والتنظيمية والاحتفالية، ومِن ذلك حفلُ توزيع الجوائز المكتظُّ بالمدعوّين، وكثيرُهم رسميّون لا صلةَ لهم بالثقافة والأدب، وقليلُهم كتّابٌ، مِن بينهم مَن وصلَت أعمالُهم إلى القائمة القصيرة، لكنّهم، وعلى خلاف المُتعارَف عليه في جوائز الرواية التي تتضمّن قوائمَ قصيرةً، لم ينالوا مِن "المُولِد" غير حضوره.

لا يُخبرنا تقرير لجنة التحكيم بمعايير اختيار الأعمال الفائزة

على أنّ أكثرَ ما يلفتُ في الحفلِ هو طريقةُ إعلان الفائزين التي تُذكّرنا بسحْبات القرعة. فبدل أنْ تُعلِن لجنةُ التحكيم بنفسها عن الأسماء الفائزة، وتتلو تقريراً مُفصَّلاً عن المعايير التي اعتمدتها في اختيار أعمالهم، وتُخبرنا بالأسباب التي جعلتها تنتقي ثلاث روايات بعينها من بين 15 روايةً وصلت إلى القائمة القصيرة، تُرك إعلان الفائزين وتسليم جوائزهم للإداريّين. أمّا تقريرُ لجنة التحكيم، وهذه أُمّ الغرائب، فلم يتضمّن إشارةً مِن قريب أو من بعيد إلى أيّ من ذلك.

سننتظر منشوراً لرئيس لجنة التحكيم، عبد الحميد بوراوي، لنعرف أكثر عن سبب اختيار رواية "الطرحان" لعبد الله كرّوم، لتكون الفائزةَ في فرع اللغة العربية؛ حيث كتب في حسابه الشخصي على فيسبوك (لا نعرف إنْ كان ذلك جزءاً من تقرير اللجنة) بأنّ الرواية تتميّز "ببناء معماريّ مُحكَم"، و"تستعمل لغة أدبية واصفة وحوارية شفّافة، تكشف عن السلوكات البشرية والمشاعر المرتبطة بطبيعة الحياة في مجتمع منطقة توات (جنوب الجزائر) في مرحلة عرفت وضعاً استعمارياً متحكّماً في الرقاب وظروفاً بيئيّة شديدة القساوة تسببت في الفقر والمجاعة"، وأنّها تكشف "عن معرفة عميقة مكّنت الكاتب من تجسيد الظروف الاجتماعية والسياسية التي عاشتها منطقة توات، وما تولّد عن ظروف تحكُّم الاستعمار، وسلطة فئة التجّار وبعض ملاّك الأرض من أصحاب المال والسطوة في استغلال الفئات الدنيا من العمّال الزراعيّين والملّاك الصغار".

وفي التقرير الذي قُرئ خلال الحفل (أو قُرئ جانبٌ منه)، أشارَت لجنةُ التحكيم إلى أنّ الدورةَ السادسة مِن الجائزة استقبلت، من بين ما استقبلته من ترشيحات، روايتَين لكاتبَين أجنبيَّين تُشكّل الجزائر موضوعاً فيهما. لم يُخبرنا التقرير إذا ما أُخذ هذان الترشيحان بعين الاعتبار، لكنّ هذا التفصيل يُؤكّد مُجدَّداً أنّ "آسيا جبار للرواية" هي جائزةٌ دون معايير واضحة؛ فقد سبق أن رفض القائمون عليها ترشيح رواياتٍ جزائرية لمجرّد أنّها صدرَت في نشر مشترك بين دُور نشر جزائرية وعربية، لكنّهم يُخبروننا اليوم، بنبرة فخر، أنّهم استقبلوا رواياتٍ لكتّاب غير جزائريّين.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون