بحسب تقارير صندوق النقد الدولي لهذا العام، احتلّت الهند المرتبة الخامسة ضمن أكبر الاقتصاديات في العالم؛ حيث اقترب إجمالي ناتجها المحلي من ثلاثة تريليونات دولار، وتشير التوقّعات إلى أنها ستتقدّم على ألمانيا لتحلّ رابعة بعد نحو ستّة أعوام، وستصبح في 2034 في المرتبة الثالثة متجاوزة اليابان.
النتائج الذي حقّقها البلد الآسيوي لا يمكن الحديث عنها من دون العودة إلى الأب الروحي للهند المعاصرة المهاتما غاندي (1869 – 1948)؛ المنظّر الأول لحركة العصيان المدني بوصفه الاحتجاج الأبرز الذي أدى إلى الاستقلال عن الاستعمار البريطاني، حيث تتواصل منذ العام الماضي الاحتفالات بمرور مئة وخمسين سنة على ميلاده، والتي كان من المفترض أن تختتم في الثاني من الشهر الجاري؛ اليوم الذي ولُد فيه الزعيم الهندي، لكن لا تزال الفعاليات مستمرة.
التقدّم المهول الذي تشهده البلاد لا يحجب جزءاً آخر من الصورة يظهر فيه ما يقارب مئة وسبعين مليون فقيراً هم في ازدياد، وارتفاع مستويات اللامساواة الاقتصادية والاجتماعية، يضاف إليها صعود اليمين الهندوسي المتطرّف منذ انتخاب ناريندرا مودي رئيساً للوزراء منذ عام 2014 بعد قرون من التعايش بين مكوّنات البلاد، ناهيك عن أزمات أخرى مثل التلوث؛ حيث تعتبر نيودلهي المدينة الأسوأ عالمياً في هذا السياق.
يستعاد المهاتما في وقت تحقق الهند نموا اقتصادياً مهولاً لكنها تشهد مزيداً من الفقر والتطرّف
من أبرز الفعاليات التي تقام ضمن الاحتفالات السنوية في ذكراه، قمة VAIBHAV التي افتتحت منذ أيام وتتواصل حتى نهاية الشهر المقبل، وهي منصّة تجمع الباحثين والأكاديميين الهنود في الداخل والخارج، لمناقشة آليات تعزيز القاعدة الأكاديمية والعلمية والتكنولوجية في الهند من أجل التنمية العالمية.
وانعقد حفل ختام الاحتفالية بفعالية افتراضية نهاية الشهر الماضي شارك فيها الباحثون هلال الدين لاسكار، وديبادوتا شاكرافارتي، ويانيزوار ديب، وعبد المنان مازومدار، وديبانجونا بوركاياستا، وساتاناندا بهاتاشارجي والذين سلطوا الضوء على أهمية أيديولوجية غاندي في العصر الحديث، كما سلّمت جوائز مسابقة افتراضية لطلاب المدارس الحكومية والخاصة حول حياة غاندي، وعرض أيضاً فيلم "غاندي" لـ ريتشارد أتينبورو.
عربياً، استضافت "مكتبة مصر العامة" في القاهرة الخميس الماضي فعالية بالتعاون مع سفارة الهند و"مركز مولانا أزاد الثقافي" تضمن معرضاً بعنوان "غاندي حياته ورسالته"، يضم مجموعة متنوعة من الصور عن حياته، ورسالته، وعن الهند، كما عرض فيلم وثائقي عن سيرته، وأقامت السفارة الهندية في رام الله فعالية مماثلة، وكذلك في مدينة طرابلس اللبنانية.
وأعيد هذا العام إصدار طبعة جديدة من كتاب المهاتما الذي يحمل عنوان "السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة" عن "منشورات إديوكريشن"، والذي يروي فيه سيرته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو "المقاومة السلمية"، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد؛ مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام.