عواصم الثقافة الإسلامية.. فعاليات كثيرة بقليل من الزخم

16 مايو 2023
"مدرسة ابن يوسف" في مرّاكش، والتي بُنيت في عهد الدولة المرينية
+ الخط -

في مطلع أيار/ مايو الجاري، أُسدل الستار رسمياً على تظاهرة "الرباط عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2022"، خلال حفلٍ احتضنه "مسرح محمّد الخامس" في الرباط. اختتامٌ أتى متأخّراً بعدّة أشهر، مثلما تأخّر الافتتاح عن موعده المفترض في كانون الثاني/ يناير إلى 24 آذار/ مارس من العام الماضي، وهذا ما يُفسِّر انطلاق التظاهُرة في مدينة بينما لا تزال مستمرّة في أُخرى؛ حيثُ انطلقت "عاصمة الثقافة العربية 2023" في نواكشوط في كانون الثاني/ يناير الماضي، قبل أربعة أشهر من اختتامها في الرباط.

على أنّ هذا التداخُل والتضارُب في جدول مواعيد التظاهرة، التي اعتمدتها "المنظَّمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة" (إيسيسكو) خلال المؤتمر الثالث لوزراء الثقافة في البلدان الإسلامية بالجزائر عام 2004، لم يقف عند هذا الحدّ: تُقام التظاهُرة كلّ سنة في ثلاث مُدن، تُمثّل كلُّ واحدة منها منطقة جغرافية مختلفة. وفي 2022، أُقيمت في باندونغ بإندونيسيا (آسيا) وياوندي بالكاميرون (أفريقيا)، والرباط (العالم العربي)، وتُضاف إلى المدن الثلاث القاهرةُ التي كان يُفترض أن تكون "عاصمةً للثقافة الإسلامية" في 2020، لكنّ التظاهُرة تأجّلت لسنتَين متتاليتَين بسبب الأوضاع المترتّبة عن انتشار جائحة كورونا، لتنطلق في كانون الأوّل/ ديسمبر 2021، ولعلّها اختُتمت في اليوم نفسه أيضاً؛ إذ لم تشهد إقامة أيّة تظاهُرات لافتة.

لا نعرف شيئاً عن الموازنات المخصّصة للتظاهرة ولا عن مداخيلها

بالعودة إلى "الرباط عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2022"، لن نستمع في حفل الاختتام، الذي ضمّ حفلاً موسيقيّاً شارك فيه فنّانون من المغرب وخارجه، إلى حصيلةٍ لما جرى إنجازُه خلال التظاهرة التي استمرّت طيلة سنة كاملة؛ إذ يكتفي وزيرُ الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، بالقول إنّها "حقّقت نجاحاً باهراً"، بينما سيُشيد مدير عام "إيسيسكو"، سالم بن محمد المالك، بما احتضنته من "تظاهرات ثقافية وفنّية وفكرية ذات مستوىً رفيع"، وصل عددُها إلى 260 نشاطاً، خاصّاً بالذكر "المعرض والمتحف الدولي للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية"، والذي قال إنّ أكثر من مليون ونصف مليون شخص زاروه خلال أربعة أشهر.

لم يُقدّم بنسعيد، أو المالك، أرقاماً عن الموازنات المالية التي خُصّصت للتظاهرة، ولا عن المداخيل التي حقّقتها الفعالياتُ التي أُقيمت في إطارها، مُفضّلَين التركيز على الفعاليات (التي أُقيم كثيرٌ منها من دون أيّ اهتمام إعلامي) بشكلٍ يُظهر التظاهُرة برمّتها مقتصرةً على الجانب التنشيطي، ومُغفلةً جوانب أُخرى في غاية الأهمّية؛ مثل البحث العلمي، والإصدارات، وترميم المباني والمعالم الأثرية، وخلق المشاريع الثقافية المستدامة؛ وهو ما يُفترَض أن يكون في صلب أهداف هكذا تظاهُرات ثقافية.

بالنسبة إلى وزير الثقافة ومدير عام "إيسيسكو"، ربمّا ليست مُهمّةً العودةُ إلى تفاصيل تظاهُرة باتت من الماضي، بما أنّ ثمّة ما هو أهمُّ في المستقبَل: ستكون مرّاكش "عاصمةً للثقافة الإسلامية" لسنة 2024، وليس مهمّاً أيضاً إنْ مرّت التظاهرة بالمدينة بلا إنجازات تُذكَر أو كأنّها لم تُقم أساساً.

المساهمون