"على مسار الخطّ".. كاليغرافيا النقود

20 نوفمبر 2022
جانب من المعرض
+ الخط -

منذ القِدم شكّلتِ النقود عامل جذب لأبعد ممّا هو سياسي أو اقتصادي وحسب، فالكشوف الأثرية التي توافينا من أطراف العالم مختلفة، تؤكّد أنّ العملات تصميماً وتداوُلاً يمكنُها أن تُقرأ كعلامات فنّية وتاريخية، إلى جانب ما تكتسبه من مهمّات وظيفية تؤدّيها مباشرةً.

"على مسار الخط: الكاليغرافيا بين الفن والنقود بالمغرب" عنوان المعرض الذي افتُتح في الثامن والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وتستمر فعالياتُه حتى نهاية هذا العام، في "قصر الباهية" بمرّاكش، وينظّمه "متحف بنك المغرب" بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيسه.

يهدف المعرض، حسب المنظّمين، إلى إتاحة أكبر قدر من القطع الأثرية التي عادةً ما تمتاز بخصوصية معيّنة، أمام جمهور عام، وبهذا يجري التعريف بجزء من تاريخ النقود في البلاد، وخُصوصاً الجانب المرتبط بالخطوط العربية، ومقارنتها بالفنون التشكيلية الحديثة.

من معرض مراكش 2 - القسم الثقافي
(من المعرض)

كذلك تتأتى أهمية المعرض من المدينة والمكان الذي يحتضنه وخلفيته التاريخية، التي تشهد على تقاطُع حضارات عدّة. بالإضافة إلى أنّ "على مسار الخط" جزء من سلسلة معارض تكوّنت من ثلاثة أُخرى إلى جانب القائم حالياً، هي: "المهن الفنية لدار السكة" بالرباط، و"أركيولوجيا الصور: الورقة البنكية المغربية من منظور التاريخ والفن"، والذي انتهت فعالياتُه آخر الشهر الماضي في "متحف محمد السادس للفن المعاصر" بالرباط، و"نقود المغرب القديم: صور ورموز" الذي تتواصل فعالياته في "رواق الفن المعاصر محمد الدريسي" بطنجة، حتى نهاية العام أيضاً.

وإذا كان "أركيولوجيا الصور" قد ركّز على تاريخ العملة الورقية في القرن العشرين وعلاقتها بالحقبة الاستعمارية، ومن ثمّ مرحلة الاستقلال، ووضع "صور ورموز" حمولة أيقونوغرافية أمام المتلقي، تتجلّى بمسكوكات الفترة المورية، فإنّ "على مسار الخط" يرجع بزوّاره إلى نقوش الكتابات على النقود المرابطية التي امتازت بالخطّ الكوفي، ونوادر أُخرى موقّعة بخطّ الثُّلُث. 

من معرض مراكش - القسم الثقافي
(من المعرض)

ينفتح المعرض، بطبيعة الحال، على لُقى نقدية أندلسية سُكّت في قرطبة، ومنها قيراط مرابطي سُك عليه اسم إسحاق بن علي، الذي يظهر إلى جوار عبارة الشهادَتين مع إشارة إلى اسم معمل السك "قرطبة"، ويحمل الجانب الخلفي لقب "أمير المسلمين".

كذلك للعصور الحديثة حصة، حيث ارتبط فنّ الخط في القرنين التاسع عشر ومطلع العشرين، بالحُلي والمجوهرات النسائية، خاصة بعد إدخال قطع من "الدورو الحسني" المزيّنة بالخطوط، وقد شكلت هذه القطع النقدية الفضّية مادة أوّلية في عمل الصائغين. وقد أُدمجت لاحقاً في الزينة الصدرية والخواتم وزينة الرأس في منطقة الأطلس الأوسط بالبلاد.

المساهمون