عبد الوهاب عبد المحسن.. في تشكيلات الماء

21 سبتمبر 2021
(عبد الوهاب عبد المحسن في مرسمه)
+ الخط -

شكّلت مفردات الطبيعة التكوين الأساسي للوحة عبد الوهاب عبد المحسن، الذي استمّدها من مدينته كفر الشيخ شمال العاصمة المصرية، في أسلوب ينزع إلى التجريد غالباً، محاولاً إعادة اكشتاف علاقة الإنسان بمكانه من نباتات وكائنات حيّة وغيرها من العناصر.

وارتبط اسم الفنان التشكيلي المصري (1951) ببحيرة البرلس قرب البحر الأبيض المتوسط، حيث يواجه المشاريع الرسمية لتجفيف ثاني أكبر البحيرات الطبيعية في مصر، من خلال إقامته ملتقىً فنياً عند البحيرة منذ حوالي ثمانية أعوام، للرسم على الجدران والمراكب.

(من المعرض)
(من المعرض)

"قرب الماء" عنوان معرضه الجديد الذي افتُتح عند السادسة من مساء أول أمس الأحد في "غاليري آزاد" بالقاهرة ويتواصل حتى نهاية الشهر الجاري، ويمثّل امتداداً لتجربته منذ بدايات ثمانينيات القرن الماضي التي يركّز خلالها على التكوينات اللامتناهية للمنظر الطبيعي ذاته.

تعكس أعمال عبد الوهاب تلك الخطوط المتعرّجة والمتشابكة التي تحاكي تشققات الأرض الطينية الجافة، وبرك المياه الصغيرة، ونباتات البحيرة، وانعكاسات الضوء على صفحة مياهها، وغيرها من التفاصيل مثل أعشاب البحيرة السابحة والعالقة في كثاقة الماء.

ويحضر الهواء والأرض والمياه كفضاءات تتحرّك خلالها جميع عناصر اللوحة، والتي تمتزج في ما بينها لتشير إلى توالد الحيوات في المشهد الذي لا يعرف السكون أو الثبات، ويلعب الضوء واللون دوراً مهمّاً في إبراز الحركة والتغيّر المستمرّ في البيئة التي يرسمها الفنان.

(من المعرض)
(من المعرض)

في تتبّع كلّ هذه التفاصيل، لا تبدو جماليات الطبيعة وخضرتها المتجدّدة مسألة محسومة، إذ أظهر عبد المحسن في أكثر من تجربة سابقة الجفاف والتصّدعات في محيط البحيرة التي انتُزعت منها الحياة وتحوّلت إلى ما يشبه فجوة واسعة غطّت سطّحها نتوءات جافة.

في بُعد آخر، يوظّف الفنّان الخلفيات الأسطورية والرمزية لجميع المفردات التي يرسمها، حيث يتعامل مع الشجر والطيور والماء بنوع من الإجلال والتقديس في إحالات لفلسفة الحضارة المصرية القديمة تجاه الطبيعة التي اشتقّ من كائناتها وموجوداتها مقاطع أبجديتهم، بما تدلّ كل واحدة منها إلى وحدة الكون والإله.

يمثّل الحفر الوسيط الأبرز لدى عبد المحسن في رؤيته للماء من زوايا مختلفة، حيث يعتمد أحياناً منظوراً أفقيّاً للإحاطة بتنوع المشهد وتعدّد مكوّناته، ويذهب أحياناً لمعاينته من زاوية محدّدة تخفي عناصر وتكشف أخرى، بينما يقدّم بعض أعماله من زاوية نظرة عين الطائر لتمثّل سطح المياه من علٍ.

يُذكر أن عبد الوهاب عبد المحسن حاز درجة إجازة من كلية الفنون الجميلة بـ"جامعة الإسكندرية"، ودبلوم الدراسات العليا والماجستير في فن الغرافيك عن أطروحته "فن الغرافيك المعاصر بالإسكندرية"، ودكتوراه الفلسفة فى الفنون الجميلة بأطروحة حملت عنوان "رؤية تشكيلية معاصرة لرسالة الغفران لأبي العلاء المعري من خلال فن الحفر".
 

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون