"عالم مشترك": إعادة تصوّر تاريخ أفريقيا فوتوغرافياً

10 يوليو 2023
عمل لـ كيريبي كاتيمبو، من المعرض
+ الخط -

لا يمكن فصل التصوير الفوتوغرافي عن الاستعمار في القارة السمراء، حين كان الأوروبيون يتقاسمون مناطقها، باحثين عن مكان يتوافق مع خيالاتهم في طبيعة غبر مألوفة وجغرافيا مظلمة وبشر يعيشون حياة خارج نمط "الحداثة" وفق المنظور الغربي لها.

وكانت الكاميرا الأداة المرافقة للسلاح للقوى الاستعمارية منذ القرن التاسع عشر، لتشكّل صورة أفريقيا في العالم كله لأكثر من مئة سنة، قبل أن يبدأ المصوّرون الأفارقة في إعادة تعريف ذواتهم وهوياتهم في العقود الأخيرة، في محاولة منهم لتحرير أنفسهم من الرواية التي سُجنوا فيها طويلاً، ورغبة في التفكير بسرديتهم الخاصة.

"عالم مشترك.. التصوير الأفريقي المعاصر"، عنوان المعرض الذي افتُتح الخميس الماضي في متحف "تيت مودرن" بلندن، ويتواصل حتى الرابع عشر من كانون الثاني/ يناير 2024، بمشاركة 36 فناناً وفنانة من بلدان أفريقية عدة.

عمل لـ داويت ل. ييتروس، من المعرض
عمل لـ داويت ل. ييتروس، من المعرض

يستمدّ المعرض عنوانه من أحد تنظيرات الفيلسوف الكاميروني أشيل مبيمبي (1957)، الذي يدعو فيه إلى أن "نفكر في العالم انطلاقاً من أفريقيا"، لخلق سرد أكثر شمولية حيث لا يوجد تاريخ محدّد للقارة إنما هناك حقائق متعددة ومترابطة تخالف في كثير منها التمثيلات المختزلة للشعوب والثقافات الأفريقية.

ينقسم المعرض إلى ثلاثة أقسام: الهوية والتقاليد، والتاريخ المضاد، والمستقبل المتخيل، حيث يضيء الأول حركات التحرُّر الأفريقية وكيفية نشوء الهوية القائمة على الكفاح والمقاومة، مع التنبّه إلى مسائل مثل رفض الأفارقة التخلّي عن زعمائهم التقليديين في تلك الفترة، رغم تجريد الحكومات الاستعمارية هؤلاء الزعماء من نفوذهم وممتلكاتهم.

يستكشف القسم الثاني قدرة التصوير الفوتوغرافي على إنتاج تاريخ مضاد، حيث يتم التركيز على ممارسات الأرشفة وكيفية استيعاب الثقافات والمعتقدات والتقاليد الأفريقية التي لم يحترمها الرجل الأبيض وسعى إلى إقصائها لأنها "أقلّ مكانة" من ثقافته ــ بحسب اعتقاده، ورغم تغيير دين ولغة العديد من القبائل الأفريقيةـ إلا أنها لا تزال تحتفظ إلى اليوم بطقوس وعادات تنتمي إلى ثقافاتها الأصلية. 

يبحث الفصل الثالث في تأثير العولمة وحالة الطوارئ المناخية، فيوثّق الفنانون التحوّلات التي حلّت بالقارة، حيث غيّر "التحضّر" أساليب الحياة فيها، وشجع الاستثمار الشباب على الهجرة إلى المدن والتمركز فيها، ما همّش الريف والأطراف وأخلّ بالتنمية في معظم بلدان القارة.

من بين الفوتوغرافيين المشاركين: كيريبي كاتيمبو من الكونغو، وكيلاني عباس وروتيمي فاني كايود من نيجيريا، وليونسي رافائيل أغبودجيلو من بنين، وحسن حجاج من المغرب، وإمكيل إيونغاكبا من الكاميرون، وديلو جاس من أنغولا، وسامسون كامبالو من مالاوي، وداويت ل. ييتروس من الولايات المتحدة وغيرهم.

المساهمون