صوفي تايبر آرب.. تجريد معاصر لفنون تقليدية

12 يوليو 2021
(من المعرض)
+ الخط -

تستعاد صوفي تايبر آرب اليوم كواحدة من أبرز الفنانين التجريديين في أوروبا في عشرينيات القرن الماضي، رغم أنها لم تنل حظها من الاهتمام آنذاك، وتنوّعت اشتغالاتها بين الرسم والنحت والعمارة والتصميم الداخلي، حيث درست لمدة عام في "مدرسة الفنون والحرف" بهامبورغ، ثم توقفت عن الدراسة بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى، ثم أكملت دراستها في فنون النسيج، كما تخرّجت من "مدرسة الرقص" في زيورخ.

عملت الفنانة السويسرية (1889 – 1943) مدرّسة للتطريز والتصميم، وانخرطت مبكراً في الحركة الدادائية حيث عرفت بأعمالها المستمدة من الزخرفة والنسيج إذ دمجت الأشكال الهندية مع رسوماتها، وابتكرت نقوشاً متعدّدة الألوان، واقتربت بعد انتقالها للإقامة في باريس من السوريالية.

يُفتتج الخميس المقبل في غاليري "تيت مودرن" بلندن معرض استعادي لصوفي يتواصل حتى السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، مختارات من أعمالها المطرّزة والمنحوتات واللوحات وصناعة الدمى التي جمعت خلالها بين الحرف التقليدية ومفردات التجريد الحديث، بما يعكس رؤيتها بانعدام الحدود التي تفصل بين الفن والتصميم.

(من المعرض)
(من المعرض)

يضمّ المعرض حوالي مئتي قطعة تمثّل مراحل مختلفة من تجربة الفنانة التي استطاعت أن تترك تأثيراً واسعاً على العديد من الرسامين والمصممين، حيث تعاملت بجرأة مع الألوان في إنشاء أعمالها على الورق والمطرزات، كما سيتعرّف الزوّار إلى تصميماتها التي نفّذتها على أكياس الخرز والمجوهرات والسجاد وأغطية الوسائد والمفروشات.

تُعرض أيضاً أشكال الرؤوس التي صنعتها من الخشب بأشكال مخروطية، والتي تعتبر حالياً من أكثر الأعمال شهرة لدى الدادائيين، بالإضافة إلى ما قدّمته من تخطيطات معمارية ونماذج لتصميم البيوت والديكورات والأثاث والأماكن العامة والحدائق، حيث يمكن مشاهدة تصميم حديقتها الخاصة التي تبدو كنسيج شبكي تتوزّع فيه النباتات.

يُنظر إلى أعمالها الأولى في سياق رد الفعل ضد الحرب، الذي شكّل هاجساً أساسياً لدى الفنانين الأوروبيين في تلك الفترة، حيث كانت ناشطة سياسية ونسوية استطاعت أن تقتحم عالم الفن برؤيتها المبتكرة وقدرتها على التجريب، كما تعبّر عنها أعمالها التي اعتمدت على تحويل ممارسات فنية في صناعة الزجاج الملون خلال العصور الوسطى إلى لغة بصرية معاصرة، وكانت مهتمة بالتفاعل بين الشكل الهندسي واللون وإمكانية تجميل الحياة اليومية، حيث آمنت بأن الدافع الزخرفي التزييني متجذر في المخيلة البشرية ولا يمكن استئصاله. 

تبدو معظم رسومها التجريدية والنقوش التي صمّمتها بأشكال دائرية ومستطيلة مثالية، وهي مستمّدة من نظرتها الفلسفية إلى الدائرة باعتبارها أصل الكون والشكل الذي يتم منه اشتقاق كل أشكال الحياة، وكانت لديها رغبة دائمة بإعادة تشكيل تراكيب جديدة من الأجزاء نفسها حيث مزّقت بعض أعمالها من أجل إعادة تكوينها من جديد.

المساهمون