صوت جديد: مع يونس أوعلي

17 اغسطس 2024
يونس أوعلي
+ الخط -
اظهر الملخص
- الكاتب المغربي يعبر عن مرارة العجز تجاه العدوان على غزة، ويشير إلى زيف الشعارات الدولية حول حقوق الإنسان، كما يعبر عن الألم تجاه ما يحدث في السودان.
- الكاتب يرى أن الكتابة الإبداعية هي صناعة مستمرة للدهشة، ويعتبر نفسه جزءًا من الجيل الجديد الذي يسعى لتطوير الرواية العربية، مستفيدًا من إرث الأسلاف وتجارب الأدباء.
- الكاتب يرى أن البيئة الثقافية تحكمها شلل وعلاقات خاصة، نشر كتابه الأول على نفقته الخاصة، ويعتبر القراءة طقسًا يوميًا، ويؤمن بأهمية الترجمة كجسر للعبور نحو الآخر.

تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "مسكونٌ بتجريب أساليب جديدة في الكتابة" يقول الكاتب المغربي لـ "العربي الجديد".


■ ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟

- كلّما ذُكرت غزّة شعرتُ بمرارة العجز. منذ السابع من أكتوبر وأنا أتأمّل حياة الويل التي تعيشها الإنسانية. غزّة كانت دائمًا مساحة لكشف زيف الشعارات الدولية بشأن حقوق الإنسان، بل إنّها عرّت حقيقة النظام الدولي ومنظّماته أكثر من أي وقت مضى. قبل هذه الحرب، كانت عندي هواجس كثيرة، بل إنّني أسّست جزءًا من مشروعي الأدبي على قيمة إنسان دُول العالم الثالث بالنسبة إلى الفرد القادم من الدول "المتقدّمة"، أمّا اليوم، فما شاهدناه ونشاهده تجاوَز كلّ الهواجس، بقي عندي هاجس واحد فقط في ظلّ إيماني بأنّ تحرير فلسطين قادم لا محال: كم سيكون الثمن؟
لكنّ غزّة ليست وحدها، وجع السودان ليس أقلّ إيلامًا… عمومًا، عبر التاريخ، لم يُطوّر الإنسان خاصية أسوأ من الحرب، ولم يتعلّم من الحروب الماضية إلّا كيف يخوض حروبًا أُخرى بأكثر قدرِ من الدمار. وما علينا، نحن الجرحى بلا دماء، القتلى دون أن يحصدنا الموت، إلّا أن نراقب ونبكي أقدارنا، بما أنّنا شعوب لا تملك مصيرها بيدها.


■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟

لا أدري على وجه التحديد ما المقصود بالكتابة الجديدة، وهل هناك كتابة قديمة وأُخرى جديدة. عادةً ما يُستعمل مصطلح "الكتابة الجديدة" للدلالة على مرحلتين مختلفين من الكتابة، لكن من دون الإشارة إلى الحدود الفاصلة بينهما ولا إلى سماتهما. أفهمُ الكتابة الإبداعية على أنّها صناعةٌ مستمرّة للدهشة، والدهشة لا تُصنع بالتكرار، وعليه فكلّ كتابة خارج النمط السائد، بناءً وموضوعًا، هي كتابة جديدة، بغضّ النظر عن زمن صدورها. 


■ هل تشعر نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟

- أنا مسكونٌ بالتجريب ومحاولة ابتكار أساليب جديدة في أنماط الكتابة الروائية، ربّما بصفتي واحدا من أبناء الجيل الجديد الذي يسعى لتطوير الرواية العربية مَبنًى ومعنًى، مستفيدًا من إرث أسلافه، ومسنودًا باطلاعه الواسع على تجارب أدباء من مختلف الأزمنة والأمكنة والتيارات، طبعًا دون أن يعني ذلك أنّ كتاباته تجمعها سمة أو خصائص محدَّدة.

نحن الجرحى بلا دماء والقتلى من دون أن يحصدنا الموت


■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟

- علاقاتي مع أبناء الأجيال السابقة، على قلَّتها، مبنيّة على احترام كبير، كعلاقة التلميذ بأساتذته؛ فمن حيث القراءة أحاول أن أطّلع على منجزات عدد كبير منهم وأن أستفيد من تجاربهم للبناء عليها. أمّا من حيث العلاقة المباشرة مع الأحياء منهم، فهي علاقة جيّدة، كلّما طرقتُ باب أحدهم لأستفيد من توجيهاته أَخرج بمكاسب أكثر ممّا كنت أطمح إليه، طبعًا مع وجود استثناءات قليلة تنظر إلى كلّ تجربة جديدة في الكتابة على أنّها تطفُّل على ميدانها.


■ كيف تصف علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟

- أعتقد أنّني تخلّصتُ مبكّرًا من وهم المشهد الثقافي. هناك طاقة هائلة تُهدر كلّما كان الكاتب مصمّمًا على أن يكون ضمن المشهد. لا توجد بيئة أدبية نقية، هناك أفراد، من الجيلين الجديد والقديم، يحاولون مدّ يد العون كلّما احتاج الشباب لتوجيهاتهم، أمّا البيئة الثقافية فكما هو الحال في معظم الدول العربية، تحكمها شلل وعلاقات خاصّة ومعايير لا علاقة لجودة المنجز الأدبي بها.


■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟

- قبل رواية "أحلّاس، ذاكرة أليمة المدى"، خُضتُ تجربة نشر كتيّب صغير على نفقتي الخاصّة. كنت حينها في الثامنة عشرة من العمر، وكان بمثابة تمارين على الكتابة استعدادًا لروايتي الأُولى التي تُوّجت بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها السابعة.


■ أين تنشر؟

- أنا في بداياتي، لذلك ليس لي ناشرٌ بعد، عملي الروائي الأوّل صدر عن "دار كتارا للنشر" في قطر، وهي دار تابعة للجائزة التي فاز بها، مع ترجمته إلى اللغة الإنكليزية.


■ كيف تقرأ وكيف تصف علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟

- القراءة عندي طقس يومي، أقرأ كلّ ما تبلغه يدي وفي جميع المجالات والأجناس. لستُ قارئًا منهجيًّا، ولست عشوائيًّا، وفي أغلب الأحيان لا أخطّط لما أقرأ… القاعدة الثابتة الوحيدة في حياتي هي محاولة القراءة في المستوى الذي أرغب أن أكتب فيه.


■ هل تقرأ بلغة أخرى إلى جانب العربية؟

- حين أكونُ مُجبرًا، أحاول أن أقرأ بالفرنسية أو الإنكليزية، لكنّ معظم قراءاتي باللغة العربية.

كلّ كتابة خارج النمط السائد، بناءً وموضوعًا، هي كتابة جديدة


■ كيف تنظر إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تُتَرَجم أعمالُك؟

- طبعًا. لا أعتقد أنّ هناك من سيرفض ترجمة كتبه، وهنا أنقل مقولة لعبد الفتاح كيليطو: "حياة الكتاب رهينة بترجمته.. عندما تتوقّف الترجمة يموت الكتاب". الترجمة هي جسر العبور نحو الآخر، مثلما عبرَت عوالم الآخرين إلينا. كلّ ترجمة إلى لغة أُخرى تمنح النصّ حياة جديدة. 
بالنسبة إليّ، أملك عملًا روائيًا واحدًا، وهو مترجَم إلى اللغة الإنكليزية، كما أسلفت.


■ ماذا تكتب الآن وما هو إصدارك القادم؟

- عادةً ما أجد صعوبة في الإجابة عن الأسئلة المتعلّقة بالمشاريع الأدبية المقبلة. وفضلًا عن أنّني أريد أن أقدّم عملًا لا يمتّ إلى الأوّل بصلة، سواء على مستوى الشكل أو المضمون، لا أعرف كيف يمكنني الحديث عن شيء لا أملك تَصوّرًا شاملًا بشأنه، كما لا أعرف إن كان سيصبح رواية كاملة، أم أنه سيُجهض كالعديد من المشاريع التي ظلّت حبيسة رفوف أصحابها.
الرواية في مرحلة الكتابة تخصّ صاحبها فقط، وبعد نشرها تصبح مُلكًا للقارئ فقط. هذا ما أؤمن به، لذلك ما من داعٍ للحديث عن عمل لا شيء يضمن أنّه قادم (إلى حدّ الآن على الأقلّ).


بطاقة

كاتبٌ ومدوّن مغربي من مواليد مدينة ميدلت سنة 1997، حاصل على شهادة الإجازة في الحقوق. حاز عمله الروائي الأوّل "أحلّاس، ذاكرة أليمة المدى"، الصادر سنة 2022، "جائزة كتارا للرواية العربية" في دورتها السابعة.

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون