صوت جديد: مع رأفت حكمت

01 سبتمبر 2024
رأفت حكمت
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **الهاجس الحالي والتفكير في الإبادة في غزة**: الكاتب السوري يعبر عن قلقه العميق تجاه مصير الأطفال في غزة، ويشعر بالعجز أمام التخاذل العربي والعالمي.

- **الكتابة الجديدة والانتماء الأدبي**: يرى الكاتب أن الكتابة هي فعل تجديد مستمر، ويعتبر نفسه جزءاً من "الجيل الضائع" الذي يعبر عن مرحلة معقدة، ويعتمد على الكتب والسوشيال ميديا لتعويض نقص الاحتكاك المباشر.

- **الإنتاج الأدبي والنشر**: أصدر أول كتاب له في عام 2021 بعنوان "كأنني كنتُ أحلم"، وينشر بشكل رئيسي على الفيس بوك ومنصات إلكترونية، ويعمل حالياً على مجموعة قصصية جديدة ومسرحية.

 تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح الجيل العربي الجديد من الكتّاب وانشغالاته. "أفكِّر في كل شيء مزيّف، كشفته الإبادة في غزة على حقيقته" يقول القاص السوري لـ"العربي الجديد".


■ ما الهاجس الذي يشغلكَ هذه الأيام في ظلّ ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟

لا أعتقد أنّه في مثل هذه المجازر التي تحدث على مرأى من العالم كله، سيكون هناك هاجس أكبر من التفكير المستمر في مصير الأطفال في غزّة، ولا أقصد على وجه التحديد مصير من يتم قتلهم وإبادتهم بالطّريقة الممنهجة والعشوائية في الوقت ذاته، بل أيضاً ذلك الذعر النفسي الّذي ستتركه تلك المجازر في ذاكرة النّاجين منهم. أفكر طوال الوقت في العجز التام عن فعل شيء ربما من الممكن أن يصنع فارقاً في المعادلة. أفكر في التخاذل العربي الواضح والصَّريح، أفكر أيضاً في المأساة المشتركة الّتي نقف أمامها مكتوفي الأيدي. في عالم يتّجه نحو تحقيق مصالح شخصية بحتة، مالية وماديّة، ضارباً عُرض الحائط كل مبادئ الإنسانية والأخلاقية. أفكر في كلِّ شيء مزيّف، كشفته الإبادة في غزة على حقيقته.


■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟
 
لا أعتدّ كثيراً بالمصطلحات والمفاهيم لتسمية الأشياء عامة، والكتابة خاصة، لأنني أؤمن تماماً، أنَّ الكتابة على وجه التحديد هي بذاتها فعل تجديد مستمر. فهي قبل عشرين عاماً عند من عايشوها كانت جديدة، وأما عند الذين كانوا قبلهم فكانت كذلك، كما هي في الوقت الحاضر لجيلنا. لكن إن أردتُ التحدث عنها في إطار زمننا الحاضر، فإنني أفهم منها بدقة، نزعتها الواضحة لجهة التحرّر من القيود بكل أنواعها وفي جميع حقولها. وذلك مرتبط بكل تأكيد بالأدوات الّتي أصبحت في متناول الجميع، ونزعة كل من يمتلك لغة قادرة على التعبير، نحو الكتابة من دون قيد أو شرط، بغضِّ النظر عن إيجابية هذا الأمر أو سلبيّته.


■ هل تشعر بأنك جزء من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟

بالتأكيد أنا كذلك، أما أن أقوم بتحديد ملامحه فذلك هو الأمر المعقد نوعاً ما. عملية كهذه، تحتاج إلى الكثير من التأني، لرسم الخطوط الخارجية لشكل هذا الجيل وملامحه، وإذا سمح لي بعض الأصدقاء والكتاب أن أستخدم هنا مصطلح "الجيل الضائع"، والّذي يعملون على تصديره وتفنيده بتفصيل، فإنني أصرّح علناً، أنني أتبنّاه، مقتنعاً تماماً، بدقّته على وصف المرحلة.


■ كيف هي علاقتكَ مع الأجيال السابقة؟

أعتبر علاقتي بهم علاقة خجولة وغير متفحّصة كما يجب. تربطني بهم تلكَ الكتب التي وصلتني منهم، وأعرفُ عن مراحلها من كلّ ما كتبوه عنها. أحاول في أيّ فرصة متاحة، الاقتراب من جميع الأجيال سواء السابقة أو اللاحقة، لربّما تكون الصورة العامة أوضح. لكن لطالما تظهر أمور عديدة تمنع هذا الاحتكاك المباشر وتبادل التجارب والخبرات، كالمسافات وتشتت العالم وميل الأغلبية إلى العزلة والاكتفاء بالعلاقات المبينة عبر السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي.

أفكر في كلِّ شيء مزيّف كشفته الإبادة في غزة على حقيقته


■ كيف تصف علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟

إذا أردت التحدث بصفتي سورياً، فإنني منذ البداية سأكون في متاهة فكرة الانتماء، فلقد توزعت سنيني الخمس عشرة الأخيرة بين سورية، ولبنان ومن ثمّ السويد. وهذا الأمر في الحقيقة، زجني في عدة تجارب تتعلق بموضوع البيئة الثقافية المحيطة. في سورية يقتصر الأمر على التعارف من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وفي لبنان كانت مبنية بشكل وثيق مع من يشبهونني في الحالة العامة سواء كانوا سوريين مغتربين أم لبنانين يحاولون حماية ما يمكن حمايته من البيئة الثقافية كي لا تنهار مع مجمل ما ينهار. أما في السويد، فالأمور في حاجة إلى سنوات ليتمكَّن المثقف المهاجر من فهم نفسه في بيئة كل ما فيها مختلف تماماً عمّا اعتاد عليه في بلده، بدءاً من فكرة تقدير المثقف وصولاً إلى فكرة احترام الحريّة في الكتابة.


■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟

تأخرتُ قليلاً في إصدار أول كتاب لي وكان ذلك في عام 2021 من خلال حصولي على جائزة الشارقة في مجال القصة القصيرة عن مخطوط مجموعتي القصصية الأولى بعنوان "كأنني كنتُ أحلم" إذ كان عمري وقتها 31 عاماً.  يمكنني أن أُرجع سبب التأخّر في النشر إلى شعوري الدائم بأنني سأندم لاحقاً على أمر لا أعرفه، لكنّني تمكنتُ من تجاوز هذا الشعور بعد الكتاب الأول، إذ أصدرت بعده مجموعة شعرية تحت عنوان "خوفاً من الصّيّاد" ومجموعة قصصية ثانية تحت عنوان " "متأخراً عن العالم مسافة عشر دقائق".  


■ أين تنشر؟

أنشر بشكل رئيسي وشبه يومي على صفحتي الخاصة على الفيس بوك، بالإضافة إلى العديد من المجلات والمنصات الإلكترونية. وفي كل مكان أشعر أنه يحقق لي أمر الوصول إلى القرّاء بشكل أوسع.


■ كيف تقرأ وكيف تصف علاقتك بالقراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟

هناك مزاجيَّة تتحكّم في موضوع القراءة. أجدني في الفترة ذاتها أقرأ أكثر من كتاب، ولا أعرف إن كان هذا الأمر صحيحاً أو لا، لكنّه يناسبني، فمرّة أكون في مزاج متحمس لقراءة الشعر، بينما في وقت لاحق من اليوم نفسه أميل إلى قراءة الفلسفة أو إكمال رواية كنت قد بدأت بها سابقاً. هكذا أجد نفسي في نهاية كل شهر قد قرأت ثلاثة أو أربعة كتب في مجالات مختلفة، وأغلب قراءاتي في السنة الأخيرة كانت بشكل إلكتروني، بسبب صعوبة توفر الكتب الورقية باللغة العربية في أوروبا، وارتفاع سعرها.


■ هل تقرأ بلغة أخرى إلى جانب العربية؟

نعم، أقرأ بالإنكليزية والسويدية، لكن ليس بشكل دائم ومكثف. 


■ كيف تنظر إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تكون كاتباً مترجَماً؟

عندي، وبما أنني أعيش في السويد، فبكلِّ تأكيد هي واحدة من أهم الأمور التي على الكاتب أن يسعى إليها ليُصدّر كتبه ويطرحها في مجتمعات وبيئات ثقافية جديدة، وقد تم بالفعل ترجمة العديد من قصصي ونصوصي الشعرية إلى الإنكليزية والسويدية والفرنسية والكردية، وأيضاً نصوص شعرية متفرقة تُرجمت إلى الإيرانية. 
يتم التعاون حالياً لترجمة مجموعتي القصصية "متأخراً عن العالم مسافة عشر دقائق" بالكامل إلى الإنكليزية. الترجمة أمر ضروري رغم كلّ ما فيها من خيانة.


■ ماذا تكتب الآن وما هو إصدارك القادم؟

أعمل الآن على إتمام مجموعتي القصصية الثالثة، كما انتهيت قبل فترة بسيطة من كتابة أول مسرحية مقتبسة من إحدى قصصي المنشورة سابقاً، وهذه الخطوة عندي هي انتقال مهم نحو حقل جديد قد أتمكن فيه من إيجاد ما لم أجده في غيره. لا أعرف حتى هذه اللحظة ما هو بالتحديد إصداري القادم، فهذا الأمر متعلق بشكل وثيق بالوقت المناسب للحديث عنه، أو الإقرار به.


بطاقة 

كاتب وقاص سوري من مواليد 1989. يقيم في العاصمة السويديَّة استوكهولم، ضمن منحة ثقافية بصفة "كاتب ضيف في المدينة". صدرت له مجموعتان قصصيتان: "كأنّني كنت أحلم" (جائزة الشارقة للإبداع العربي،2021)، و"متأخراً عن العالم مسافة عشر دقائق" (دار النهضة العربية، بيروت 2023)، ومجموعة شعريَّة بعنوان "خوفاً من الصّيّاد" (الهيئة العامة للكتاب، القاهرة 2022).

 

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون