استمع إلى الملخص
- **التجربة الأدبية والعلاقة مع الأجيال السابقة**: بدأت القاضي بتشكيل فكر نقدي بعد صدمة من سؤال لم تجد له إجابة، وتأثرت بأصوات مثل أدونيس. ترى في الشعر القديم فلسفة وأسئلة وجودية، لكنها أيضاً ترى فيه هلهلة وركاكة.
- **الإصدارات والعلاقة مع القراءة والترجمة**: أصدرت مجموعتها الشعرية الأولى "الشتاء يعود وحيداً" عام 2023 بعد اكتئاب حاد. تنشر في دور نشر وصحف معروفة، وتقرأ بالإنجليزية. ترى الترجمة كإعادة خلق للنص الشعري وتعمل على إصدار مجموعتها الثانية.
تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "الكتابة الجديدة شكلٌ من أشكال التمرُّد اللذيذ على الصوت الأبوي أُحاديّ الرؤية والاتجاه"، تقول الشاعرة السورية آيات القاضي.
■ ما الهاجس الذي يشغلكِ هذه الأيام في ظلّ ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟
- الموقف الإنساني تجاه إخوة دمنا. كيف تُؤخذ الحياة من يد إنسان عنوةً؟ أسأل السماء دائماً كيف ترى كلّ ما يحصل دون أن يتغيّر لونها؟ في حين أنّ كلّ شيء على الطرف الآخر مستمرّ. أكثر ما يخيفني أن يكون الشقاء المحفوف بحيوات بني الإنسان على هذه الأرض حدثاً لا يعني أحداً، لا في السماء ولا هنا.
■ كيف تفهمين الكتابة الجديدة؟
- شكلٌ من أشكال التمرُّد اللذيذ على الصوت الأبوي أُحاديّ الرؤية والاتجاه؛ لأنّ الشعر من كنه الحرّية النبيلة، كون الحرّية اليوم تعاني من مفاهيم مشوَّهة تلحَق أو توصَم بها. الكتابة بالنسبة إليّ قول كلّ ما لا يُقال، وما لن يقال يوماً، لأنَ الشعر لغة ثانية تمتدّ من لغتنا اليومية، ولكن لا تشبهها.
■ هل تشعرين نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟
- التجربة الحديثة لا تزال في بداياتها، ربّما يصعب تحديد ملامحها أو وجهتها، ربما اللاشكل هو شكلها، واللّاجهة هي جهتها، كونها مفتوحة على كلّ اتجاه، لا تنتمي إلّا إلى نفسها. ولا أقصد هنا أنّ الحداثة الشعرية لا قواعد لها ولا أصول، ولكنّ بواكير الحداثة الشعرية لم تأت مواقيتها بعد. جيلنا الأدبي مغامر وجريء. وكحال كلّ ثورة أدبية شهدها تاريخ الشعر، هناك عدّة ولادات لاكتمال وجه الشعر.
التجربة الحديثة لا تزال في بداياتها، اللّاشكل هو شكلها
■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
- يقينٌ يتبعه شكّ. بدأَت تتشكّل بوادر الفكر النقدي عند أوّل صدمة لسؤال لم أجد له إجابة. كنتُ أتعامل مع النصّ الشعري بفكرٍ تقديسي لا ريب فيه، إلى أن اصطدمت بصوت أدونيس ومن قبله ومن جايله ممّن فعّلوا ثقافة "اللا" وثقافة "السؤال". في نصوص الشعر القديم فلسفة وأسئلة وجوديّة ونزع قوالب وتجاوُز تابوهات، وفي نصوص الشعر القديم أيضاً هلهلة وركاكة واستنزاف لغة. هذا ما لم أكن أراه في علاقتي إلى أن فعّلتُ الفكر النقدي عندي.
■ كيف تصفين علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
- السوريّون من أهل الثقافة أهلُ لغة وشعر وفكر نقدي حرّ ومنفتح وفعّال، إلّا أنّ الصوت هناك مكبّلٌ، يموت الشعر والأدب والفن في بلادنا إن لم يأخذ تصريح صدور، كون الشعر في أحد أشكاله يشكّل عدوّاً للمنظومة الرمزية.
■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟
- اتّخذتُ قرار جمع أوراقي الشعرية ونشرها ضمن مجموعة شعرية أُولى السنة الماضية، بعد مروري بحالة اكتئاب حادّ، جلستُ فيها في غرفة بنافذة واحدة تطلّ على بحيرة وسط المدينة، لمدّة شهر كامل. صدرت المجموعة عن "دار النهضة العربية" في بيروت تحت عنوان "الشتاء يعود وحيداً".
■ أين تنشرين؟
- بالنسبة إلى دور النشر، تعاملتُ مع "دار النهضة العربية" في بيروت، وسأُكرّر التجربة بكل حُبّ. في الصحافة، بداياتي كانت مع قصيدة النثر - الأيقونات السورية، أمّا اليوم، فأنشر في صحف "العربي الجديد" و"القدس العربي"، و"كلّ الأخبار" العراقيّة، و"الأخبار" اللبنانية.
■ كيف تقرئين وكيف تصفين علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
- علاقة مزاجية للغاية. القراءة مثل صديقٍ يراني كلّ يوم من بعيد، يُراقبني وحين يشعر أنّني انطفأت يأتي، ليُضيئني. لا يُمكن أن أتعامل مع الكتب إلّا بهذا الشكل، دائماً على موعد معها.
■ هل تقرئين بلغة أُخرى إلى جانب العربية؟
- أقرأ باللغة الإنكليزية وأشعر بمعنىً يتمخّض من خلف السطور لا يدركه إلّا أهل اللغة ذاتها.
■ كيف تنظرين إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تكوني كاتبة مترجَمة؟
- الترجمةُ إعادة خلقٍ للنصّ الشعري دون أن يفقد جوهره، وهنا تكمن المهمّة الأصعب في كيفية نقل اللغة بميكانيزماتها وهويتها وشحناتها إلى لغة ثانية. يحضرني هنا قول أدونيس: "في الترجمة يفقد الشعر العربي موسيقى اللغة والصور التي تثيرها. إنّه يفقد الإيقاعات الفريدة التي لا يمكن تكرارها من خلال إيقاعات لُغة أُخرى". إذن، الترجمة كتابة أُخرى للنصّ بملامح اللغة المنقول منها، ولكن بموسيقى اللغة المنقول إليها، وهنا يكمن التحدّي الذي أُحبّه وأهابه في الوقت ذاته.
■ ماذا تكتبين الآن وما هو إصدارك القادم؟
- أُتابع ما بدأت به منذ سنوات. أشعر أن شراهتي للَّون الشعري الذي أكتب به تزيد كلّما كتبتُ. أنتظر المجموعة الثانية أن تأتي وحدها كيفما شاءت وفي أيّ وقت. آمل ألّا تأتي في الشتاء وحيدةً هذه المرّة.
بطاقة
- شاعرة سورية من مواليد دمشق عام 1992، حاصلة على الدكتوراه في الدراسات الأدبية والنقدية الحديثة من "جامعة دمشق". عملت أستاذة لغة عربية في الجامعة السورية الخاصّة لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها. تقيم حالياً في الإمارات وتعمل في تدريس العربية. صدرت مجموعتُها الشعرية الأُولى "الشتاء يعودُ وحيداً" عام 2023 عن "دار النهضة العربية" في بيروت.