"شهادات من غزّة".. نساءٌ يُواجهن المحرقة الصهيونية

08 يناير 2024
شابّة ترسم جدارية على أنقاض مبنى دمّرته غارة صهيونية، رفح، مطلع الشهر الجاري (Getty)
+ الخط -

تُشكّل الشهادات المكتوبة من غزّة وعنها جزءاً من التوثيق الحيّ في زمن الإبادة، وهذا ما تُحاول إنجازه مؤسّسات أكاديمية ومراكز بحثية، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني قبل ثلاثة أشهر، حيث درجت على نشر أوراق كتبتها غزّيات وغزّيون عن واقع حياتهم اليوميّة في ظلّ المحرقة الصهيونية.

إحدى أبرز هذه التوثيقات سلسلةٌ بعنوان "شهادات من غزة"، بدأ "معهد دراسات المرأة" التابع لـ"جامعة بيرزيت" بنشرها باللغتين العربية والإنكليزية، عبر موقعه الإلكتروني وحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي بلغ عددها منذ التاسع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي حتى اليوم، أربع عشرة شهادة.

وتتنوع الشهادات في رصد أحوال النساء ومعاناتهنّ، وتبيان أنّ القهر الذي يتعرّضن له امتدادٌ للقهر الاستعماري الذي يُمارسه الاحتلال بحقّ الشعب الفلسطيني، فقرابة 70 بالمئة من إجمالي عدد الشهداء في غزّة هُم من النساء والأطفال. بالإضافة إلى ذلك، تُعبّر هذه الكتابات عن صوت نسويّ خاص في سرد التاريخ والحدث الراهن، وتشمل حضورهنّ في قطاعات التعليم والإعلام والصحّة والخدمات وغير ذلك.

كتابات تكشف حضور النساء المجتمعي وطريقة تعاطيهنّ مع جرائم الاحتلال

من هذه الشهادات تُقدّم الكاتبة براء حمودة، من بيت لاهيا، شمالي القطاع، ثلاثاً منها، وهي: "صباح نهار جديد"، و"صباح يومٍ آخر"، و"اليوم الأصعب"، وفي هذه الأخيرة تكتب: "كما عزَّ عليَّ فراق أحبتي باستشهادهم، عزَّ علي فراق الدِّيار ولو أصبحت رُكاماً، لم يكن الأمر سهلاً وليس بيعاً، ولكن كان غصباً وإجباراً، فقد ضاقت بِنا السُبل، ودُمّرت كل الأماكن التي كانت تأوينا طوالَ أسابيع الحربِ الأولى".

وتحت عنوان "همسات في المطر: على الخطوط الأمامية للتهجير"، كتبت الناشطة هيا عبد الرحمن أبو ناصر: "بدأ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) كغيره من باقي الأيّام التي نستقي فيها أي شطر من السعادة نستطيع أن نحصّله من خلال الفرص الضئيلة التي ما زالت متاحة لنا. إنه يوم لا يُنسى؛ كان من المفترض أن أسافر إلى ماليزيا في 17 تشرين الأول لأكمل دراستي في العلاقات الدولية... فقد كرست نفسي منذ سنوات للدفاع عن حقوق الفلسطينيين وآمالهم بالعيش في سلام في وجه الاعتداءات المستمرة، كالتفرقة المجتمعية، والاحتلال الإسرائيلي، والحصار، والتمييز الصريح ضد الفلسطينيين والعزلة عن المجتمع الدولي".

وتتناول مها أبو الكاس في شهادتها حال الصحافيّين في حرب هي الأبشع عليهم، إذ فاق عدد الشهداء في هذا القطاع كل أرقام العدوانات السابقة، تكتب: "الدرع والخوذة لم تحميا الكثير من الزملاء، الدرع والخوذة لم تعودا آمنتين للزملاء هنا في قطاع غزة، خسرنا الكثيرين أصيب الكثيرون، لا أحد آمن هنا في قطاع غزة من الصحافيين، لا الصحافي الذي يعمل بالميدان ولا حتى الصحافي الذي يعمل في منزله".

ومن الشهادات ما فضّلت صاحباتُها أن تكون بأسلوب أدبي، نقرأ لفاطمة بشير: "الكبار يقولون لا نُعيد تفاصيل النكبة الأولى، الشباب أمثالي يقولون لا رحيل، ويكسر قرارك في لحظة صراخ طفل لم يتجاوز عمره العام، وكأنه يُنبِّهُكَ أن القرار حينما يتعلق بالأرواح يجب أن يكون مُشتركاً"، بالإضافة إلى نصّ أدبي للكاتبة مريم حجازي التي استشهدت بعد أيام قليلة من بدء العدوان.

أمّا الطبيبة في "مستشفى النصر للأطفال" سهير الحلبي، فتوصّف بشهادتها حال القطاع الطبّي في ظلّ الإبادة، وكيف تحوّلت المستشفيات إلى ملاجئ، ومحاصرة الدبّابات لـ"مستشفى النصر" واستهدافه بالقذائف: "كنا نتقدّم خطوة للخروج، فيبدأ الاحتلال الغاشم بإطلاق النار، فنرجع خطوة، نقدّم فيطلق، فنرجع، وبدأ باستعراضه في السماء وأطلق الفوسفور، حتى في اللحظة الأخيرة نجحنا بكل خوف أن نمر وبدأنا الخروج من المستشفى، خرجتُ وأوّل ما رأيتُه كان دماراً هائلاً قد أصاب الحيّ، كانت الدبّابات تصطفّ بجوارنا وتصوّب مدفعيّتها باتجاهنا، رأيتُ الشهيدين وفي جانبهما الرّاية البيضاء".
 

موقف
التحديثات الحية
المساهمون